{سورة التوبة مدنية، الآية 116}


{بسم الله الرحمن الرحيم}
{إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116) }.
ملخص معاني الآية:
فيها تحريض المؤمنين على القتال في سبيل الله، بأن يحاربوا الكفار والمشركين، وأن يثقوا في نصر الله الذي له ملك السماوات والأرض، لأنه هو وليهم وناصرهم. (ابن كثير)
المسلمون ليسوا بحاجة إلى المشركين:
في الآيات السابقة أمر المسلمين بالبراءة عن المشركين ومقاطعتهم. وهنا قد يتساءل أحد: إن المقاطعة قد تُفضي إلى توحّد المسلمين وانقطاعهم عن العالم، فرداً عليه أشار في هذه الآية الكريمة إلى أن ذلك لن يقع، لأن الله معهم. ففي تفسير الفرقان:
«المسلمون ليسوا بحاجة إلى مساعدات المشركين، لأنهم لا يتوكلون إلا على الله، مالك السماوات والأرض، الذي يُحيي ويميت، وسوف يُبلغ المسلمين إلى الخلافة العظمى، ويسد تقصيراتهم». (تفسير الفرقان)
التحريض على الجهاد:
قال ابن جرير رحمه الله: فيها تحريض على قتال المشركين وملوك الكفر، فقد رغّبهم في قتالهم، عليهم أن يثقوا بنصر الله مالك السموات والأرض، لايرهبوا من أعدائه، إذ لا ولي لهم من دون الله ولا نصير لهم سواه. (ابن كثير2/396) (أنوار البيان)
ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير:
قال الإمام الرازي : دلت الآية الكريمة على أمور عديدة، منها:
(1) لمّا أمر الله تعالى المؤمنين بالتبرّي عن المشركين ومقاطعتهم، أشار إلى أن السماوات والأرض لله، ليس للمشركين من دون الله من ولي ولا نصير، فلا يمكنهم إصابة المسلمين بأذى.
(2) لما أمر المسلمين بمقاطعة المشركين، قال بعض المسلمين: لا يمكننا الارتباط الآن بذوي قرابتنا من والد وأخ بقوا على الكفر، فأشار في هذه الآية إلى أنكم لا شك أنكم قد حُرمتم عن نصرهم وتأييدهم، فإن ذلك لا ينقصكم شيئا، لأن الله الذي له ملك السماوات والأرض ينصركم ويساعدكم.
(3) لمّا أمرهم الله تعالى بهذه الأوامر الصعبة، أشار في هذه الآية إلى أن ما عليهم إلا أن يذعنوا لأمر الله تعالى وينقادوا له، لأن الله هو معبودهم، وأنهم عبيده. (معنى ما ورد في التفسير الكبير)
نكتة مهمة:
قال الله تعالى: ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير، فيها إشارة إلى حكمة عجيبة وغريبة، وهي أنكم بعد دخولكم في دين الله تعالى بصدق وإخلاص تجدون الكفار والمشركين يعادونكم، ولن يعجبهم شرفكم وتقدمكم، لذلك لا تغتروا بهم بإقامة روابط المودة والمحبة، فهم يسعون إلى التسلل في صفوفكم بإظهار الولاء والمودة لكم، بنية إلحاق الأذى بكم، لذلك احذروهم بالبراءة عنهم، واثبتوا في ساحة القتال، وتوكلوا على نصر الله الواحد الأحد، لأنه ليس لكم من دون الله من ولي ولا نصير. (والله أعلم بالصواب)
اتقوا سخط الله وغضبه:
«إن الله له ملك السموات والأرض، فلا يسعكم مخالفة أمره، لأنه إن غضب عليكم لن تجدوا من دونه ناصراً لكم». (حاشية اللاهوري رحمه الله)