{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ}.
ملخص معاني الآية الكريمة:
إن ارتدت مسلمة، ولحقت بدار الكفر،
فلزوجها المسلم من الغنيمة بقدر ما أنفق عليه من المهر. (اللاهوري)
وجهان:
هذا نظراً إلى ما حدث يوم الحديبية، أن
ما من امرأة مسلمة لحقت بالمسلمين فليس لأزواجهن من المشركين إلا مهورهن، أما
زوجات المسلمين اللاتي بقين بمكة على الكفر، ولم يهاجرن إلى المدينة، فعلى
المشركين أن يُعيدوا إلى المسلمين مبلغ المهر الذي أنفقوا عليهن، لكن المشركين
رفضوا ذلك، وما أعادوا إلى المسلمين المهور، (وكن ست نسوة). فنزل هذا الحكم، وأمر
بدفع تلك الأموال من مال الغنيمة، هذا الحكم كان خاصا بزمان صلح الحديبية، وحكم
الآية الكريمة عام، فما من مسلم ارتدت امرأته ولحقت بدارالكفر، إلا وعلى المسلمين
دفع ما أنفق الرجل عليها من مال الغنيمة التي يتحصلون عليها عادة في جهادهم مع
الكفار. (البغوي والقرطبي وابن كثير وغيرهم)
«فعاقبتم قال المفسرون معناه: غنمتم، أي
غزوتم فأصبتم من الكفار عقبى وهي الغنيمة». (البغوي)
كلام بركة:
«أي المسلم الذي فقد امرأته، والكفار لا
يعيدونها إليه، فإن كان كافر هاجرت امرأته إلى دار الإسلام، فادفعوها إلى المسلم
الذي فقد امرأته، هذا إذا كان بينكم وبينهم صلح، أما الآن فليس العمل به، إلا إذا
صالحتم معهم». (موضح القرآن)
فائدة:
أكثر المسلمون اليوم محرومون من نعمة
الجهاد في سبيل الله، لو جاهدوا لشاهدوا مشاهد الإكرام والتبجيل التي تشير إليها
هذه الآيات، وبما أن أجواء الجهاد العامة معدومة من المجتمعات الإسلامية،
والمسلمون مقهورون في معظم البلاد، يشعرون بالإحباط والحرمان والتعاسة، لذلك
يواجهون صعوبات في وعي مشاهد ومعاني هذه الآيات، وسوف يتم إحياء الجهاد بين
المسلمين من جديد، فيشاهدون مشاهد الآيات بعيون مكشوفة، يدخل الرجال والنساء في
دين الله أفواجا، تتسابق الأرواح الذكية إلى دار الإسلام من دنس دار الحرب
وجحيمها، فهذا كان الشيء الأول الذي يجب استحضاره لاستيعاب معاني هذه الآيات.
ثانيا: إن النكاح في الإسلام يدور حول قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم} فالرجل
ينفق ماله بشكل المهر ثم يتزوج بالمرأة.
وفي هذا النظام من البركات ما لا يمكن
إحصاءها، لِمَا فيه من المحافظة على حقوق المرأة، والأحكام التي تناولتها الآيات
المذكورة كانت وفق هذا النظام، إذ فيه تأكيد على أن مهر المرأة واجب على الزوج،
وهو عبارة عن مبلغ كبير من المال عموما، ولا يتحمل أعباء الزواج عادة إلا الرجل.
لكن لسوء الحظ الآن تغيرت العادات عند المسلمين، لذلك يصعب عليهم فهم أبعاد الآية
الكريمة، فقد نلاحظ في مجتمعاتنا أن المرأة وعائلتها تتحملان أعباء الزواج
وتكاليفها أكثر من الرجل، إضافة إلى مشاهد التبذير والرياء والسمعة والتقاليد
المتوارثة، التي قلّما يخلو عنها زواج. (فإنا لله وإنا إليه راجعون)