{الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}.
ملخص معاني الآية:
الذين استجابوا لدعوة الله والرسول رغم
الإصابات يوم اُحد، وخرجوا للجهاد، فهم محسنون ومتقون، ولهم أجر عظيم.
سبب النزول:
هذه الآية نزلت فيمن شهد غزوة حمراء الأسد من
أصحاب رسول الله ·، وهذا نسبه القرطبي إلى الجمهور، كما قال: (هذا تفسير الجمهور
لهذه الآية). (القرطبي)
وقال البعض : هي نزلت فيمن شهد غزوة بدر
الصغرى، وقد نسبه القرطبي إلى مجاهد وعكرمة، كما قال:
وشذّ مجاهد وعكرمة رحمهما الله تعالى فقالا: إن
هذه الآية إنما نزلت في خروج النبي · إلى بدر الصغرى. (القرطبي)
وهذا الذي اختاره الشاه عبد القادر رحمه الله،
كما قال:
ولمّا انتصر المشركون يوم اُحد، قال أبو سفيان
زعيم المشركين: موعدنا بدر من القادم. فأجابه النبي ·، ثم خرج مع أصحابه إلى بدر
من القادم، فمن خرج منهم رغم الإصابات، بشّرهم الله تعالى بالأجر العظيم في هذه
الآية. (موضح القرآن)
دراسة رائعة للإمام الرازي:
لقد قام الإمام الرازي بفرز هذه الآيات، فالآية
172 في غزوة حمراء الأسد عنده، كما قال: «أما غزوة حمراء الأسد فهي المراد من هذه
الآية». (التفسير الكبير)
والآية 173 و174 نزلت في غزوة بدر الصغرى.
(التفسير الكبير)
القصص والأقوال في سبب النزول:
(1) عن عروة بن الزبير قال: قالت لي عائشة رضي
الله عنها: كان أبوك من الذين استجابوا لله والرسول من بعدما أصابهم القرح.
(القرطبي)
(2) فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين.
(القرطبي)
(3) استنفر الرسول · لطلب الكفار، فاستجاب له
تسعون. (البحر المحيط)
(4) لما كان في يوم الأحد، وهو الثاني من يوم
اُحد، نادى رسول الله · في الناس باتباع المشركين، وقال: لا يخرج معنا إلا من
شهدها بالأمس، فنهض معه مأتا رجل من المؤمنين. (القرطبي)
وقد اختلفوا في عددهم، وأقوى الأقوال أنهم
كانوا سبعين، وفي السيرة الحليبية أن ما من رجل شهد اُحداً إلا وشهد غزوة حمراء
الأسد، ولم يتخلف منهم أحد.
(5) قصة عجيبة:
وقيل إن الآية نزلت في رجلين من بني عبد الأشهل
كانا مثخنين بالجراح، يتوكأ أحدهما على صاحبه.. الخ (القرطبي)
(6)
قول نادر:
قال أبو بكر الأصم: نزلت هذه الآية في يوم اُحد،
لمّا انتصر المشركون بعد الهزيمة، فنادى النبي · أصحابه، فعاد إليه أولئك الذين
اُصيبوا بجراحات، فكَرّوا على المشركين، حتى لاذوا بالفرار. (التفسير الكبير)
مشاهد
الخروج في سبيل الله:
قال الرازي رحمه الله:
وروي أنه كان فيهم من يحمل صاحبه على عنقه ساعة
، ثم كان المحمول يحمل الحامل ساعة أخرى ، وكان كل ذلك لإثخان الجراحات فيهم ، وكان
فيهم من يتوكأ على صاحبه ساعة ، ويتوكأ عليه صاحبه ساعة .
(8) فربما كان فيهم المثقل بالجراح، لا يستطيع
المشي ولا يجد مركوبا، فربما يحمل على الأعناق، وكل ذلك امتثال لأمر رسول الله ·
ورغبة في الجهاد.
شرح الغريب:
قال صاحب الكشاف (من) في قوله: {للذين أحسنوا
منهم} للتبيين، لأن الذين استجابوا لله والرسول قد أحسنوا واتقوا كلهم لا بعضهم.
(التفسير الكبير)
والفضل: النفع الدنيوي.
وقد ظهر فضل الله على المؤمنين بالصور التالية:
(1) زاد إيمانهم (2) وفّقهم للخروج في سبيل
الله (3) لم يُرعبوا بقوة العدو وشوكته، وتحمسوا للقتال. (4) حصلت لهم مكاسب مالية
وتجارية. (بشّرهم الله تعالى بالأجر العظيم. (التفسير الماجدي)
قال علماءنا: لما فوضوا أمورهم إليه، واعتمدوا
بقلوبهم عليه، أعطاهم من الجزاء أربعة معان: النعمة، والفضل، وصرف السوء واتباع
الرضا فرضاهم عنه. (القرطبي)
«أي لاحظوا فضل الله عليهم، لم يضطروا إلى قتال
المشركين، ولم ينالوا منهم طعنة ولا ضربة، كسبوا أجورا طائلة، وعادوا إلى المدينة
يحملون معهم أرباحا عظيمة نالوها من التجارة التي زاولوها، إضافة إلى إرعاب
المشركين. (التفسير العثماني)