{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)}.
ملخص معاني الآية:
يجب على المؤمنين أن يجعلو نُصب أعينهم
منفعة الآخرة ومضرتها، إن كان الغرض من موالاة الكفار حماية الأهل والمال فاعلموا
أن القرابات لا تنفعكم يوم القيامة، فهل من العقل في شيء إرضاءهم وإضاعة الآخرة
وطلب سخط الله وغضبه.
إن رضي الله فالجميع على ما يرام:
لم يكتب حاطب بن أبي بلتعة ما كتب إلا لحماية
أهله وماله، فنبّهه عليه وأكّد على أن المال والأهل لا ينفعون يوم القيامة، والله
ينظر إلى العمل، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، وسوف
يعامل كل شخص حسب عمله، فلا يقدر ابن أحد ولا ابن ابنه ولا قريبه وذو رحمه من
تغيير ما قرّره الله تعالى، فهل من العقل في شيء أن يُغضب المؤمن ربه لحماية أهله
وماله، واعلموا أن رضا الله فوق كل شيء، إن رضي فإن الأعمال كلها صحيحة صالحة، وإن
سخط فلا يصلح شيء من الأعمال. (العثماني)
فما لكم..
{يوم القيامة يفصل بينكم} أي يفصل بينكم
وبين أهلكم وذويكم يوم القيامة، وقال {يوم يفر المرء من أخيه} فمالكم ترفضون حق الله
مراعاة لحق من يفر منكم غداً. (المدارك)
أهم فتنة اليوم..
لقد تولّى الله تعالى بيان حقوق الأهل
والأقارب بنفسه، ثم أكّد على أداءها، لكنه أرشد إلى أن حقوقهم ليست فوق حقوق الله
تعالى، كما أنه لا يمكنهم تشكيل حالة اضطرارية بأن يضطر إلى التخلي عن أحكام الله تعالى،
وعن فروض الدين، ويأكل الحرام. لكن المسلمين اليوم صاروا يهتمون ببيوتهم أكثر بأي
شيء آخر.
يعملون لسخط ربهم كي يرضى بهم أهلهم
وأولادهم، فوتيرة عملهم هذه من أكبر عوائق طريق الجهاد، وقد قال الله تعالى:
(1) {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ
وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ
تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)}. (التوبة 24).
(2) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ
وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ
عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)}. (لقمان 33)
(3) {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ
يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ
(36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} (عبس).
(4) {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ
وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)}.
(الأنفال 28).
هذا المبحث تناولته آيات أخرى، وهي
كثيرة.