بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) }.
ملخص معاني الآية:
المنافقون إذا أساءوا إلى ذات الرسول ·... وتخلفوا
عن الجهاد، لجأوا إلى الحلف الكاذب سعيا إلى المحافظة على أرواحهم وأموالهم وإعادة
اعتبارهم في المجتمع الإسلامي، لا يقصدون به إلا إرضاء المسلمين، ولا يطمحون غير
متاع الدنيا، ولا يكدون إلا لتحصيله، وتطمين المسلمين لضمان وصوله إليهم، يحلفون
لهم بأنهم مؤمنون صادقون، إن كانوا صادقين كما يقولون لعملوا بما فيه رضا الله
ورسوله، لكنهم لجهلهم وحمقهم لا يعلمون ما أكّد لهم الرسول بأن فضيحة الآخرة
وندمها أكبر من فضيحة الدنيا، وأن من عصى الله ورسوله أخزاه الله... لو أدرك
المنافقون هذه الحقيقة لسبقوا على غيرهم في الإيمان والإخلاص والطاعة، حذراً من
الندامة العظمى.
موضوع الآية:
اعلم أن المقصود من هذه الآية شرح أحوال
وملابسات المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك. (التفسير الكبير)
كيف يصير من يقعد في بيته منافقا؟ ولماذا لا
يخرجون للجهاد؟ ما هي الأمراض التي توجد في قلوبهم؟ هذه هي الأمور التي تُبيّنها
الآيات المذكورة، وأشارت إلى أن هؤلاء الظالمين لا يهمهم إلا عز الدنيا أو مذلتها،
أما عذاب الآخرة الشديد فلا يولونه أي اهتمام، لذلك يسعون إلى إرضاء المسلمين،
ويحلفون لهم بأنهم صادقون في إيمانهم. فلو صدقوا في إيمانهم لسعوا إلى إرضاء الله
ورسوله، لكنهم عجزوا عن إدراك هول عذاب الآخرة مقارنة بخزي الدنيا رغم بيان النبي
· لهم، ومن يعص الله ورسوله فإنه لن ينجو منه، فهؤلاء المنافقين إن أدركوا حقيقة
هذا الأمر الذي لا شك في تحققه، لسعوا إلى النجاة من الخزي العظيم بالإيمان
والإخلاص والطاعة.
موضوع الآية:
اعلم أن المقصود من هذه الآية شرح
أحوال المنافقين الذين تخلّفوا عن غزوة تبوك.
كيف يصبح منافقا من تخلّى عن
الجهاد وقعد في بيته؟ ولماذا لا يخرج المنافقون للجهاد؟ ما هي الأمراض التي توجد
في قلوبهم؟ فهذه جملة أمور تُبيّنها الآية الكريمة، وأشارت إلى أن هؤلاء المنافقين
لا تهمهم إلا عز الدنيا أو خزيها، لا يولون عذاب الآخرة الرهيب أي اهتمام، لذلك
يسعون إلى إرضاء المسلمين حسب المستطاع، ولا يجتهدون لإرضاء الله ورسوله ·. (والله
أعلم بالصواب)
سبب النزول:
ذكروا قولين في سبب النزول...
الأول: هذا بناء على ما تقدم، يعني يؤذون النبي · ويسيئون إليه ثم يحلفون لكم،
وقيل: نزلت في رهط من المنافقين تخلفوا عن غزوة تبوك. (التفسير الكبير)
الحمقاء:
«هؤلاء حمقاء لدرجة أنهم يسعون إلى
إرضاء المسلمون ولا يسعون إلى إرضاء الله ورسوله، مع أنهما أولى بالإرضاء». (تفسير
الفرقان)
حماية
أنفسهم وزعاماتهم الزائفة:
هذه هي وتيرة المنافقين في كل عصر
وزمان، يعصون ما أمر الله ورسوله علناً، يحلفون للمسلمين، يؤكدون لهم إسلامهم،
ليتمكنوا من المحافظة على مكانتهم وأرواحهم بين المسلمين، إلى جانب زعاماتهم إن
استطاعوا.
قال التهانوي رحمه الله تعالى:
هم يحلفون للمسلمين أنهم ما قالوا
كذا وكذا في الشأن الفلاني والفلاني، ولم يتخلف عن الغزو الفلاني إلا للعذر
الفلاني، لا يقصدون بها إلا إرضاءهم، ليحافظوا على أرواحهم وأموالهم. (بيان
القرآن)
أشار الآلوسي رحمه الله إلى نكتة،
وقال: ما من رواية تذكر حلف المنافقين لإرضاء النبي · إلا كان الغرض منه حماية
أنفسهم من عقوبات النبي ·، وليس غرضهم إرضاء قلب النبي · بإيمانهم وإخلاصهم.
لم
يفهموا رغم المبالغة في التعليم:
أشار بعض أهل العلم إلى أن كلمة {اَلم
يعلموا} في الآية للمبالغة والإصرار في التعليم بأن المنافقين لشقاءهم وعنادهم لم
يدركوا أن مخالفة أوامر الله ورسوله لن يجلب لهم إلا العار والندامة في الآخرة.
قال أهل المعاني: قوله ألم تعلم
خطاب لمن حاول الإنسان تعليمه مدة وبالغ في ذلك التعليم، ثم إنه لم يعلم، فيقال
له: ألم تعلم بعد هذه الساعات الطويلة والمدة المديدة، وإنما حسن ذلك لأنه طال مكث
رسول الله · وكثرت نهاياته للتحذير عن معصية الله والترغيب في طاعته. (التفسير
الكبير)
لم
ينالوا من الخزي إلا ما كان عظيما:
{ذلك الخزي العظيم} أي الخزي الذي
هربوا منه ما وقعوا إلا فيما هو أشد منه، وهو خزي الآخرة. (العثماني)
كلام بركة:
إن كشف النبي · شيئا من خداعهم
ومكرهم بين المسلمين حلفوا على أن نواياهم كانت بريئة عن السوء، ليستميلوا الرسول
إليهم، ولم يدركوا أن المكر والخداع لا ينفع مع الله ورسوله في شيء. (موضح القرآن)
نكتة
غريبة:
عرفنا مما سبق من كلام الشاه عبد
العزيز رحمه الله نكتة عجيبة، وهي أن المنافقين بحلفهم الكاذب إن كانوا يسعون إلى
إرضاء المسلمين فإنهم كانوا ينوون قطع صلاتهم بمعقلهم، وهذا نهجهم منذ مدة، فقد
يسعون إلى قطع روابط المسلمين بمركز الإسلام. (والله أعلم بالصواب)