{برآءةٌ من الله ورسوله إلى الذين
عاهدتم من المشركين، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله، وأن
الله مخزي الكافرين}.
ملخص معاني الآيتين:
الآية الأولى أشارت إلى إنهاء جميع العهود التي
كانت بين رسول الله · والمشركين إلى أجل غير محدود، وإيذان من الله ورسوله بالحرب
معهم، لقد تقرر تطهير مركز الإسلام من الكفر والشرك.
والآية الثانية تمهل المشركين لمدة أربعة أشهر،
لهم الأمن وكامل حرية التنقل خلالها، وبعد انقضاء الأجل عليهم إما أن ينبذوا الكفر
والشرك أو يخرجوا من المنطقة، فإن قرّروا البقاء على الكفر وعدم الخروج من مكة،
فلا خيار لهم إلا الحرب التي سوف تحسم أمرهم، وعليهم أن يعلموا أنهم لا يعجزون
الله، وأن الله يُخزي الكافرين في الدنيا والآخرة.
فائدة:
أشارت الآيتان إلى حكم أولئك المشركين الذين
كان بينهم وبين المسلمين عهد إلى أجل غير محدد، وفيه إيذان بإنهاء العهد، وليس
لديكم أكثر من أربعة أشهر لتُقرّروا مصيركم، وهذا الحكم يشمل كل كافر ليس بينه
وبين المسلمين عهد أو كان ولكنه إلى أجل غير محدد، وراجعوا لتفاصيل هذا القول
الأخير «تفسير بيان القرآن».
ولاستيعاب معاني الآيتين بالتفصيل لاحظوا
النصوص الآتية:
البيان اللاهوري:
إعلان الحرب مع الكفار: لا يريد الله تعالى
ورسوله تقديم الحماية إلى الكفار، وبعد الإعلان بالحرب أمهلهم لمدة أربعة أشهر،
للانتهاء من مناهضة الإسلام، وإلا سوف يتم القضاء عليهم. (حاشية اللاهوري)
وقال الشاه عبد القادر رحمه الله: أمهلهم لمدة
أربعة أشهر ليُقرّروا مصيرهم: إما الاستعداد للحرب، أو الدخول في الإسلام، أو
الخروج من مكة. (موضح القرآن)
البيان العثماني:
صالح النبي · مع المشركين في الحديبية عام
اثنين من الهجرة، فتحالفت خزاعة مع المسلمين، وبنو بكر مع قريش، ثم نقض بنو بكر
المعاهدة، وهاجموا على خزاعة، فأمدتهم قريش بالسلاح والعتاد، وهكذا لم يتقيّد قريش
ولا حليفها بمعاهدة الصلح، ورداً عليه زحف النبي · مكة عام ثمانية من الهجرة، وفتحها.
ثم إن هناك قبائل عربية أخرى كانت ترتبط مع المسلمين بالصلح مع أجل وبدون أجل،
وحافظت كثير منها على معاهدتها، وهناك قبائل لم تكن بينها وبين المسلمين معاهدة،
فآيات هذه السورة المتنوعة نزلت في قبائل مختلفة، لعل الآيات الأوّلية تناولت
المشركين المتعاهدين بدون أجل، فاُبلغوا بإنهاء العهد، واُمهلوا لمدة أربعة أشهر،
إما أن يسلموا وإما أن يتخلوا عن بلدهم ليتخلص مركز الإسلام من دنس الكفر والشرك،
وإلا فليستعدوا لمواجهة جيش المسلمين، وليعلموا أنهم غير معجزي الله، وأنه سوف
يخزيهم في الدنيا والآخرة. أما القبائل التي لم يكن بينها وبين المسلمين عهد، فلها
المهلة لمدة أربعة أشهر. وقد قام بالإعلان بما ورد في هذه الآيات رسول رسول الله
علي بن أبي طالب في الحج عام تسع من الهجرة. (التفسير العثماني)
أصناف المشركين الأربعة:
لاستيعاب معاني الآيتين والآيات التي تلتها يجب
معرفة أصناف المشركين الأربعة باعتبار المعاهدات، لقد سبق وأن قُرئت هذه الآيات عليهم
عام تسع من الهجرة، وكان الحكم يومئذ بمكة بيد المسلمين، وكان يتواجد بها وفي
أطرافها المشركون، كانوا يأتون إليها للحج، ويحجون وهم عراة، يقولون: كيف نطوف في
الثياب التي أتينا بها المعاصي، فمن كان غنيا منهم، استأجر ثيابا للطواف، ومن كان
فقيرا طاف عريانا، ويمكن تقسيمهم إلى أربعة أصناف اعتباراً بالمعاهدة مع المسلمين:
الأول: المشركون الذين بينهم وبين المسلمين عهد
لغير أجل، ومثل هذا العهد ينفسخ إذا أراد أحد الطرفين ذلك، فالآيتان الأوليان من
سورة التوبة تناولتا هذا الصنف من المشركين، ويتم إبلاغهم بالفسخ عند حضورهم إلى
مكة لأداء مناسك الحج، وسيُمهلون لمدة أربعة أشهر.
الثاني: المشركون الذين ليس بينهم وبين
المسلمين عهد، حكمهم حكم الصنف الأول عند أكثر المصنفين، ولهم المهلة لمدة أربعة
أشهر.
الثالث: المشركون الذين بينهم وبين المسلمين
عهد، وقد نقضوه، جاء حكمهم في الآية الثالثة أنه لم يبق شيء من ميثاقهم وعهدهم،
وليس بينهم وبين المسلمين إلا الحرب، وكان الأولى أن يتم محاربتهم فور نقضهم
للعهد، لكنهم يُمهلون إلى انقضاء الأشهر الحُرم، حتى يتوبوا إلى الله ويدخلوا في
الإسلام، فإن أبوا فلهم الخزي والندامة في الدنيا والآخرة.
الرابع: المشركون الذين بينهم وبين المسلمين
عهد إلى أجل، وقد حافظوا عليه، جاء حكمهم في الآية الرابعة أن الصلح يستمر معهم
إلى انقضاء الأجل، ثم لا يتم تجديده.
وللتفاصيل يُرجى الرجوع إلى «بيان القرآن» وهذا
الذي رجّحه الحافظ ابن كثير، لكنه يقول: المشركون الذين بينهم وبين المسلمين عهد
إلى أجل غير معلوم، أو بقي من أجلهم أقل من أربعة أشهر، فلهم المهلة لأربعة أشهر،
أي من اليوم العاشر لذي الحجة إلى اليوم العاشر من ربيع الثاني. أما المشركون
الذين ليس لهم عهد، أو نقضوا العهد، فلهم المهلة إلى الأشهر الحُرم، أي إلى نهاية
شهر محرم، ثم يُقاتلون، وهكذا صارت المهلة لهم لمدة خمسين يوماً، أي من اليوم
العاشر من ذي الحجة إلى نهاية محرم، عشرون يوما من ذي الحجة، وثلاثون يوما من
المحرم.
وفيما يلي لاحظوا نص ما كتبه ابن كثير رحمه
الله:
«فقال قائلون: هذه الآية لذوي العهود المطلقة
غير الموقتة، أو من له عهد دون أربعة أشهر، فيكمل له أربعة أشهر، فأما من كان له
عهد موقت، فأجله إلى مدته مهما كان، لقوله تعالى: {فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم}
(التوبة 4) الآية. ولما سيأتي في الحديث. ومن كان بينه وبين رسول الله · عهد،
فعهده إلى مدته، وهذا أحسن الأقوال وأقواها، وقد اختاره ابن جرير رحمه الله. وروى
الكلبي ومحمد بن كعب القرظي وغير واحد. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:
{برآءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر}
الآية. قال: حدّ الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر يسيحون في الأرض حيث شاءوا،
وأجل من ليس له عهد انسلاخ الأشهر الحرم من يوم النحر إلى سلخ المحرم، فذلك خمسون
ليلة، فأمر الله نبيه إذا انسلخ الأشهر الحرم أن يضع السيف فيمن لم يكن بينه وبينه
عهد بقتلهم حتى يدخلوا في الإسلام، وأمر بمن كان له عهد إذا انسلخ أربعة أشهر من
يوم النحر إلى عشر خلون من ربيع الآخر، يضع فيهم السيف أيضاً حتى يدخلوا في
الإسلام. (تفسير ابن كثير).
إلى هنا كان بيانا وتوضيحا لموضوع الآيتين
المذكورتين، كما اتضحت الأشهر الأربعة المحرّمة، وسوف نذكر مزيدا من شرحه من تفسير
المدارك في الصفحات الآتية.
زمن نزول هذه الآيات وأجوائه:
هذه هي السنة التاسعة من هجرة النبي · من مكة
إلى المدينة، قبل تسع سنوات لقي النبي · وأصحابه بمكة على يد أهلها من الإيذاء ما
أجبرهم على الهجرة، وخلال تسع سنوات تغير كل شيء، وكان قد مُنع من العمرة سنة ست،
فبايع الصحابة على الموت والجهاد بالحديبية على يديه، وسُمّي ببيعة الرضوان، وأقام
هُدنة مع المشركين لمدة عشر سنوات، ثم عاد من العام القادم وأدّى مناسك العمرة،
قضى سبع سنوات في الهجرة والجهاد، ولم يتيسر له القدوم إلى وطنه ومسقط رأسه إلا
لثلاثة أيام، وبعد عدة أيام نقض المشركون العهد، وزحفوا على خزاعة حلفاء النبي ·،
فجاء الخزاعيون إلى المدينة وذكروا مظلمتهم، فوعدهم النبي · بالنصر، وتجهّز
لمهاجمة مكة في الخفية، وفي السنة الثمانية زحف على مكة، وفتحها بدون أية مقاومة
تُذكر، ثم فتح حنيناً، لكنه رجع بدون أداء مناسك الحج، وأمّر عتاب بن أسيد على مكة،
ثم أقام شهورا بالمدينة، وفي سنة تسع للهجرة توجه إلى تبوك واستقبل حراً شديدا
وسفرا شاقا وطويلاً، أما العدو فكان القوة الكبرى في عهده، فأراد المنافقون التخلص
بأنفسهم وأموالهم، وفي هذه الظروف نزلت سورة البراءة فكانت بمثابة البرق يرعد في
السماء، وقررت بأن إسلام المنافقين الخالي عن الجهاد مردود عليهم، ورسمت خطا واضحا
بين الإيمان والنفاق يمكن به تقرير إيمان أحد ونفاقه.
انتهت غزوة تبوك، وظلت سورة التوبة تمطر
أنواراً أثناء السفر وبعده، ثم أراد أداء مناسك الحج، لكن معقل الإسلام لم يخلص
للمسلمين، فنزلت آيات من سورة التوبة، وأعطت منهجا متكاملا لتشكيل مركز إسلامي خاص
بهم.
ثم توجه أبو بكر الصديق أميراً للحجاج، وعلي بن
أبي طالب رسول رسول الله الخاص، يحملان معهما ذلك المنهج المتكامل، الله أكبر
كبيرا، والحمد لله كثيرا، وما أن انتهت مناسك الحج حتى أوقف أبو بكر عليا بين
الناس، فأعلن بالبراءة حتى ضجّت بها أودية عرفات.
{برآءة من الله ورسوله}..
فجاء إعلان واضح، لا يحج أحد من المشركين من
العام القادم، لا يطوف أحد حول الكعبة عاريا، لا يدخل الجنة إلا من كان مؤمنا،
والذين لهم عهد مع النبي · إلى أجل، فإن عهدهم يظل ساري المفعول.
صدع علي بن أبي طالب بإعلان البرآءة، الذي كان
قد نام على فراش الموت، فراش رسول الله · ليلة الهجرة، يسمعها كل مشرك، كان يصل
إلى الأخبية واحدة بعد أخرى، ويبلغها بالبرآءة بصوت عال، حتى كاد ينقطع صوته، فكان
أبو هريرة يقوم بالإعلان، لاحظوا الأحوال والظروف كيف تغيرت خلال تسع سنوات، إن
الله قوي، ينصر المؤمنين، فقد ضجّت الجزيرة العربية بإعلان تطهيرها عن دنس الكفر
والشرك، من أراد القتال فليبرز في الساحة، ومن أسلم صار أخا، وأما الكفار فعليهم
أن يغادروا هذا البلد. فقد شكّلت سورة الأنفال جماعة المسلمين، وأنشأت سورة
البراءة مركزاً للإسلام، وقد حان وقت وفات الرسول ·، وبالقيام بغزوة تبوك بدأ
بمحاربة أهل الكتاب، والآن بعد إعلان البراءة طفقت تطهر الجزيرة العربية من وجود
الكفر والشرك، وقام من بعده خلفاءه بدفع منهج سورة البراءة إلى الأمام، واستكملوا
جميع الأعمال التي كان النبي · قد بدأها، فهذه هي الأجواء التي نزلت فيها هذه
الآيات المباركة، وتُتلى على الناس. (والله أعلم بالصواب)
ولاحظوا الآن جانبا من شرح معاني ألفاظ
الآيتين:
{برآءة من الله ورسوله}
البراءة: هي قطع الموالاة وارتفاع العصمة وزوال
الأمان. (الجصاص)
فيها بلاغ لمشركي العرب بإنهاء كافة العهود
والمواثيق بعد مدة معينة، والسيف سيحسم الأمر بينهم وبين المسلمين. (التفسير
الماجدي)
إن أول كلمة من سورة التوبة {براءة من الله}
تُشير إلى سياسة الجهاد في الإسلام، لأن أول ما تقع هذه الكلمة على السمع يتبادر
إلى الذهن عدة أمور:
الأول: الكفار والمشركون الذين أعلن الله تعالى
براءته عنهم هم من جملة خلائقه، أما الذين تبرأ منهم النبي · فقد تبرأ منهم رُغم
كونه رؤوفا رحيما، فلماذا يأخذ بهم رأفة في قلوب أحدنا؟
الثاني: هل يمكن لمن يحب الله ورسوله · أن يصبر
على تقدم المشركين والكفار الذين أعلن الله ورسوله · البراءة عنهم في ميادين
التسلّح؟
الثالث: إن كان الله ورسوله يعلن البراءة عن
هؤلاء الكفار والمشركين، فهل لا ينصر أولئك الذين يحاربونهم؟
الرابع: لا يمكن لمسلم أن يقيم صلات مع أحد ما
لم تكن مرضية عند الله، فالكفار الذين تبرأ الله عنهم لا يمكن إقامة الروابط
والصلات معهم.
فبمجرد أن تقع كلمة البراءة على السمع، تحضر
هذه الأمور في الذهن، وتجعله جنديا مخلصا لله، أما ما يتعلق عن القرابات وأواصر
الأخوة النسبية، فإن الأفاعي والحيتان لها قرابات مع أولادها وأسرها، لكنها تُقتل
إن آذت أحداً، ثم إن اللصوص والقتلة من البشر لهم أهالي وذريات، ولكن لا يُستقبح
قتل القاتل عند أحد، كذلك كل من صار رمزاً للظلم والفساد في الأرض، وجب قتله، وإلا
عم الفساد في الأرض. أمر الله تعالى بقتالهم، فمن أخذه رأفة بهم، يجب أن يشرح له تلك
الأسباب والظروف التي استدعت قتالهم، وأن الله تعالى أمرنا بالتبرّي منهم وهو
خالقهم، هل يحب الخلق أحد أكثر من خالقه؟ والغريب أن قتالهم مبني على الرحمة
والشفقة، لأنه يفتح الباب أمام كثير للدخول في دين الله، فينجون من النار ويدخلون
الجنة. (والله أعلم بالصواب)
{إلى الذين عاهدتم من المشركين} عاهدتم بصيغة
الجمع، مع أن المعاهد كان النبي · وحده، وذلك للإشارة إلى أن ما فعله كان نيابة عن
أمته وجماعته، فهو فعل الجميع، وليس بخاص معه.
«ولم يعاهدهم إلا النبي · وحده، ولكنه كان
الآمر والحاكم، وكل ما أمر به أو أحكمه، فهو لازم للأمة منسوب إليهم، محسوب عليهم
(ابن العربي). يعني إلى الذين عاهدهم رسول الله ·، لأنه كان المتولي للعقد،
وأصحابه كلهم راضون، فكأنهم عاقدوا وعاهدوا فنسب العقد إليهم. (القرطبي)
ومن هنا عرفنا جواز نسبة ما قام به الرسول أو
الأمير إلى الأمة أجمعها. (التفسير الماجدي)
{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر}
أي سيروا في الأرض مقبلين ومدبرين، آمنين غير
خائفين أحداً من المسلمين بحرب ولا سلب ولا قتل ولا أسر. (القرطبي)
مما تعوَّدت عليه الحكومات والأمم أنها بعد
الإعلان بالحرب لا تعطي العدو فرصة للاستعداد، لأنهم لا يقصدون من وراء القتال إلا
حطام الدنيا، وضده الإسلام الذي عبارة عن الرحمة والمودة، يدعو إلى السلام والأمن،
لذلك أعطى فرصة للعدو لمدة أربعة أشهر بعد إعلان البراءة، وأثناءها يمكن للعدو
البقاء داخل الجزيرة العربية، ودراسة الأحوال والظروف التي تحيط به، حتى يتيسر له
تقرير مصيره، فإن أراد الدخول في الإسلام فالباب مفتوح على مصراعيه، لكن بعد انتهاء
المهلة لا يمكن له البقاء على بوصة واحدة من أرض الجزيرة.
ينبغي للعدو أن يتفكر في أن المسلمين كانوا
ضعفاء، أقل عدداً وعُدّة، وكل عربي كان يعاديهم، يدبرون قتلهم وإبادتهم، مثلهم
اليهود تصدوا لقتلهم، والنصارى يُرهبونهم، ولم يكن المجوس أقل شأنا من غيرهم، فإن أمكن
للمسلمين البقاء في هذه الظروف، فمالذي تستطيعون أن تلحقوه بهم بعده؟ خاصة بعد
إحكام قبضتهم على كافة أقطار الجزيرة العربية، وبسط سلطانهم عليها؟ وعليهم أن
يتيقنوا أنهم لا يغلبون عليهم قط، بل عليهم أن يدركوا أن من خالف القرآن بعد أن
فهمه، فإنه يخزيه. (تفسير القرآن)
ما هذه الأرشهر الأربعة؟
قال النسفي:
«والأشهر الأربعة: شوال وذو القعدة وذو الحجة
والمحرم، أو عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر،
وكانت حُرُما، لأنهم أومنوا فيها، وحرم قتلهم وقتالهم أو على التغليب، لأن ذا
الحجة والمحرم منها. والجمهور على إباحة القتال في الأشهر الحرم، وإن ذلك قد نسخ».
(المدارك)
{واعلموا أنكم غير معجزي الله}
فيها دعوة للمشركين إلى الإسلام، وتحذير لهم
بأنكم لا تقدرون على تعجيزه، احذروا من مواجهة ربكم، فقد رأيتم أنكم كنتم أصحاب
القوة والسلطان على هذه الأرض قبل هذا، كنتم تُخرجون المسلمين من ديارهم وأوطانهم،
واليوم صرتم أذلاء وضعفاء، لا حيلة لكم ولا قوة، فهل أدركتم صدق الإسلام؟
ثم في نهاية الآية وعد المسلمين بالفتح والنصر،
وإذلال الكفر والشرك. لاحظوا العبارة التالية:
«المعنى أن هؤلاء المعاندين الحمقاء أين لهم
القوة في مواجهة الله؟ بل الله يخزيهم ويذلهم، الذي يظهر لهم يوم الحشر والجزاء
بالشكل الكامل، لكنهم ينالون قسطا منه بعد نزول الآية في الدنيا».
قال ابن عباس : بالقتل في الدنيا والعذاب في
الآخرة. (التفسير الكبير)