{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}.
ملخص معاني الآية:
سبَّح
لله ما في السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم، ومن كان هذا شأنه، وجبت طاعته في
الأحكام كلها، ومنها أمره بالجهاد، المذكور في هذه السورة. (مفهوم بيان القرآن)
(2)
يا أيها الذين آمنوا.. تسألون عن أحب الأعمال إلى الله تعالى، فاحذروا من أن لا
تعملوا به بعد معرفتكم له والاطلاع على جوابه. (مفهوم اللاهوري)
(3)
إن المطالبة بالتشريع ثم التولّي عنه بمثابة استدعاء غضب الله تعالى. (مفهوم
اللاهوري)
(4)
أحب الأعمال إلى الله تعالى القتال في سبيل الله، أي الصبر والمثابرة على الجهاد
في سبيل الله. (مفهوم اللاهوري)
سبب نزول السورة:
قال الإمام
أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي
كثير، عن أبي سلمة - وعن عطاء بن يسار، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام قال: تذاكرنا:
أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله: أي الأعمال أحب إلى الله؟ فلم يقم
أحد منا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا رجلا فجمعنا فقرأ علينا هذه السورة،
يعني سورة الصف كلها. هكذا رواه الإمام أحمد.
أكّد
في هذه السورة على أن الجهاد في سبيل الله من أحب الأعمال إلى الله تعالى.
(2) وقال
ابن أبي حاتم: حدثنا العباس بن الوليد بن مَزْيد البيروتي قراءة قال: أخبرني أبي، سمعت
الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني عبد الله بن
سلام. أن أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: لو أرسلنا إلى رسول الله
نسأله عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل؟ فلم يذهب إليه أحد منا، وهبنا أن نسأله عن ذلك،
قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر رجلا رجلا حتى جمعهم، ونزلت فيهم
هذه السورة: (سبح) الصف قال عبد الله بن سلام: فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم كلها. قال أبو سلمة: وقرأها علينا عبد الله بن سلام كلها، قال يحيى بن أبي كثير
وقرأها علينا أبو سلمة كلها. قال الأوزاعي: وقرأها علينا يحيى بن أبي كثير كلها. قال
أبي: وقرأها علينا الأوزاعي كلها. (ابن كثير)
وهذا
الحديث من المسلسلات كما في روح المعاني، وقال الحافظ ابن حجر: هذا أصح حديث في
المسلسلات. (روح المعاني)
فباختصار،
إن الله أكّد في هذه السورة على أن الجهاد أحب الأعمال إليه، وفيه جواب لما كان
يسأل عنه أصحاب رسول الله ·.
وهناك
روايات أخرى تتعلق بهذه السورة وببعض آياتها، التي سوف نذكرها في موضعها عند البحث
عن معارف الآيات. وفيما يلي لاحظوا مباحث الآية الأولى والثانية والثالثة:
الجهاد مثل التسبيح والتقديس والتهليل:
قال
تعالى: {سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم}.
وفي
التفسير الحقاني:
يا
أيها الذين آمنوا.. يا أيها الأتقياء.. قتالكم أعداء الدين صفاً بالثبات والمثابرة
ليس إلا كمثل تسبيحكم وتقديسكم لله، شأنكم شأن الملائكة في السموات تسبح لله
وتقدسه صافّين، فهو أحب الأعمال إلى الله تعالى. (الحقاني بتسهيل)
وقال
اللاهوري:
تسبح
السموات والأرض لله، وهو غني لا يحتاج إلى شيء، فالتشريع الذي أشار إليه في سورة الصف،
وهو الجهاد في سبيل الله، ليس فيه منفعة لله، إنما العباد هم المستفيدون الأول
والآخر منه. (مفهوم اللاهوري)
الوعيد الشديد على التخلف عن الجهاد:
قال
تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا
ما لا تفعلون}
(1)
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
حملوا
الآية على أنها نزلت حين تمنوا فَرضِيَّة الجهاد عليهم، فلما فرض نكل عنه بعضهم، كقوله
تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ
مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا
رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ
قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ
فَتِيلا أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
} [النساء : 77، 78]. وقال تعالى: { وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نزلَتْ سُورَةٌ
فَإِذَا أُنزلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ
} الآية [محمد : 20] وهكذا هذه الآية معناها.
(2)
وقال ابن كثير:
عن ابن
عباس في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ
} قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لَوَدِدْنَا أن الله - عز وجل-
دلنا على أحب الأعمال إليه، فنعملَ به. فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إيمانٌ به لا
شك فيه، وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به. فلما نزل الجهاد كره
ذلك أناس من المؤمنين، وشق عليهم أمره، فقال الله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ } ؟ وهذا اختيار ابن جرير.
(3) وقال
مقاتل بن حَيّان: قال المؤمنون: لو نعلم أحبّ الأعمال إلى الله لعملنا به. فدلهم الله
على أحب الأعمال إليه، فقال: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ
صَفًّا} فبين لهم، فابتلوا يوم أحد بذلك، فولوا عن النبي صلى الله عليه وسلم مدبرين،
فأنزل الله في ذلك: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ
} ؟ وقال: أحبكم إلي من قاتل في سبيلي.
(4) ومنهم
من يقول: أنزلت في شأن القتال، يقول الرجل: "قاتلت"، ولم يقاتل وطعنت"
ولم يطعن و "ضربت"، ولم يضرب و "صبرت"، ولم يصبر.
وقال
قتادة، والضحاك: نزلت توبيخًا لقوم كانوا يقولون: "قتلنا، ضربنا، طعنا، وفعلنا".
ولم يكونوا فعلوا ذلك.
(5) وقال
ابن يزيد: نزلت في قوم من المنافقين، كانوا يَعدون المسلمين النصرَ، ولا يَفُون لهم
بذلك.
وقال
مالك، عن زيد بن أسلم: { لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ } ؟، قال: في الجهاد.
وذكر
القرطبي أقوالا أخرى، منها:
(1) وقال
محمد بن كعب: لما أخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بثواب شهداء بدر قالت الصحابة:
اللهم أشهد ! لئن لقينا قتالا لنفرغن فيه وسعنا، ففروا يوم أحد فعيرهم الله بذلك.
(2) وقال
صهيب: كان رجل قد آذى المسلمين يوم بدر وأنكاهم فقتلته.
فقال
رجل يا نبي الله، إني قتلت فلانا، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
فقال
عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف: يا صهيب، أما أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنك قتلت فلانا ! فإن فلانا انتحل قتله، فأخبره فقال: (أكذلك يا أبا يحيى) ؟ قال نعم،
والله يا رسول الله، فنزلت الآية في المنتحل.
ولمزيد
من الأقوال ارجعوا إلى القرطبي.
وملخص
الأقوال المذكورة كلها:
(1) إن
الإعراض عن الجهاد عمل قبيح.
(2)
انتحال البطولات والتضحيات في الجهاد عمل قبيح.
(3) لا
يقول أحد ثقة بالنفس: لئن لقينا قتالا لنفعلن كذا وكذا.
فيما
يلي لاحظوا نص التفسير العثماني وموضح القرآن الآتي الجامع للأقوال التي أسلفناها
:
نص جامع:
«الواجب
على العبد أن يحترز عن كل ما فيه مدح النفس والادعاء الكاذب، فقد لا يقدر على
الوفاء بما ادعى، الادعاء باللسان سهل، لكن الوفاء به صعب، والله تعالى يُبغضه ولا
يحبه، لأنه قال شيئا لم يفعله. جاء في بعض الروايات أن بعض المسلمين قالوا: لو
نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملناه، فنزلت هذه الآيات، وأكدت على أهمية أخذ
الحيطة والحذر فيما يتكلم به المرء. ثم أطلعهم على أحب الأعمال إلى الله، وقال:
{إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} لاحظوا الآن أنفسكم، وقارنوها
بما ورد في الآية، ولاشك أن كثيرين منكم من كان وفق معايير الآية، غير أن هناك
مناسبات معينة ظهر فيها زيف تلك الدعاوي، إذ لم تظهروا يوم اُحد أمام العدو
كالبنيان المرصوص، ولمّا نزلت الآية تأمرهم بالقتال، قال بعضهم: {ربنا لِمَ كتبتَ
علينا القتال} (النساء). وعلى كل حال لا تبالغوا في الدعاوي، قدّموا التضحيات في
سبيل الله، التي تفتح لكم أبواب الانتصارات والفتوح، أما تنظرون إلى قوم موسى عليه
السلام، كانوا يبالغون في المفاخرة والتعلّي، ولمّا طولبوا بالخروج للقتال في سبيل
الله، تخوّفوا ثم قعدوا. فهذا مما جُبل عليه المتفاخرون المتعالون، ما من مناسبة
دُعوا إليها لإظهار كفاءتهم وقدرتهم القتالية إلا تسللوا لواذاً، ثم ظلوا يؤذون
بألسنتهم الحادة. (موضح وعثماني بتسهيل)
يا أيها الذين آمنوا بلسانهم..
قال
الإمام أبو حيان رحمه الله:
«وسبب
نزولها قول المنافقين للمؤمنين: نحن منكم ومعكم ثم يظهر من أفعالهم خلاف ذلك.. وإن
كان للمنافقين فالمعنى يا أيها الذين آمنوا أي بألسنتهم والاستفهام يراد به
الإنكار والتوبيخ وتهكم بهم في إسناد الإيمان إليهم». (البحر المحيط)
يرحمنا
الله .. كم من المسلمين اليوم يدعون الإيمان، ثم لا يقتربون من الجهاد، فهذا صنف
غريب من الإيمان، الذي لا يقوم على أحب الأعمال إلى الله تعالى. اللهم إنّا نعوذبك
من النفاق.
أحكام فقهية وإصلاحية:
استنبط
الفقهاء والمصلحون من الآية الثانية والثالثة من سورة الصف كثيرا من المسائل
والأحكام التي تتعلق بالفقه والإصلاح، وللتفصيل ارجعوا إلى أحكام القرآن للجصاص
وتفسير القرطبي وبيان القرآن وأنوار البيان ومعارف القرآن. لاحظوا فيما يلي مسألة
مهمة من تلك المسائل:
«دلّت
الآية الكريمة على حرمة من يعد عدةً لا يقصد إنجازها، وأنها من الكبائر، التي
تستدعي غضب الله تعالى، وينطبق عليه قوله تعالى: {كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا
ما لا تفعلون} حتى إن كانت من نيته الوفاء بما يعد، فإنه لا يجوز له الوعد بناء
على ثقته بذاته وقدراته». (بل عليه أن يستثني بلفظ «إن شاء الله» ويفوّضه إلى الله
تعالى). (معارف القرآن للشيخ المفتي محمد شفيع الديوبندي رحمه الله).
إلى
هنا كان بيانا لمباحث الآية الأولى والثانية والثالثة، وفيما يلي لاحظوا مباحث
الآية الرابعة.
وجه الربط بين الآيات:
ففي
التفسير الكبير:
«تلك
الآية مذمة المخالفين في القتال، وهم الذين وعدوا بالقتال ولم يقاتلوا، وهذه الآية
محمدة الموافقين في القتال، وهم الذين قاتلوا في سبيل الله وبالغوا فيه». (التفسير
الكبير)
مثال نموذجي:
قال ابن
أبي نَجِيح، عن مجاهد: { لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ } إلى قوله: { كَأَنَّهُمْ
بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } فما بين ذلك: في نفر من الأنصار، فيهم عبد الله بن رواحة، قالوا
في مجلس: لو نعلم أيّ الأعمال أحبّ إلى الله، لعملنا بها حتى نموت. فأنزل الله هذا
فيهم. فقال عبد الله بن رواحة: لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت. فقتل شهيدًا.
(تفسير ابن كثير)
بنيان مرصوص:
في
التفسيرالكبير والتفسير الحقاني:
{إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم
بنيان مرصوص} ما معنى {صفا كأنهم بنيان مرصوص} كانت العرب في القديم تقاتل صفا،
واليوم الجنود النظاميون يقاتلون في صفوف، إذ ذلك يُرعب العدو، ويساعد في التغلب
عليه. فمئات الجنود يصطفون في صف واحد، ويحملون على العدو حملة رجل واحد، فما
أقواهم وما أجمعهم، لقد أرشد الإسلام إلى توحيد الصفوف من الصلوات إلى قتال
الأعداء، وأكّد على أهمية الجماعة ووحدة الكلمة في المناسبات كلها، ثم أكّد قوة
الصف بلفظ {كأنهم بنيان مرصوص} بأن لا يتفرقوا ولا يولّوا الأدبار وقت مهاجمة
العدو، وليثبتوا مثل بُنيان مرصوص،
لا يتشتتوا ولا يهربوا عند مقتل أحد أو إصابته بجروح. قال الفرّاء:
يقال:
مرصوص بالرصاص، إذا جمعوا أشتات الجدار، وجعلوها شيئا واحدا. وقال الليث: رَصَّ أي
التصق بعضه ببعض. وقال ابن عباس: كان أهل مكة يضعون الحجر على الحجر، ويسدون
الثغرات بالأحجار الصغيرة، ثم يضعون عليها الآجُر، ومثل هذا الجدار يسمونه مرصوصا.
وقال بعض أهل العلم: لم يقصد من الصف في الآية الصف بعينه، إنما أراد به الصبر
والثبات والوحدة وجمع الكلمة واتحاد الهدف، لكي يقاتلوا بقلب رجل واحد.
هذه
الآية المباركة أوجدت جماعة من صحابة رسول الله · منتظمة قوية، بحيث تزلزلت أمامها
أقدام معيقي طريق الإسلام والهدي، فسلاح قيصر وكسرى البَرّاق وجحافلهما الجرّار
عجزوا عن مقاومتها، لم يكن انتصارها عليهم أقل من معجزة، خاصة وجودها في أرض سمتها
العامة الفقر والجوع، ثم إن أحداً لم ينفق على تكوينها درهما واحداً، فكل ذلك ليس
إلا معجزة، وتصديقاً لنبوءات الكتب السابقة. وإليه الإشارة في لفظ {وهو العزيز
الحكيم} في أول الآية. (الحقاني بتسهيل)
يعلّم الله طريقة القتال:
وقال
سعيد بن جبير: هذا تعليم من الله تعالى المؤمنين كيف يكونون عند قتال عدوهم.
(القرطبي)
وهل يريد مؤمن شيئا أكبر منه..
إن
الحب شيء عظيم، خاصة إن كان من الله تعالى، فهل يريد مؤمن شيئا أكبر منه؟ فقد
أرشدهم إلى التماسك والتلاحم والثبات والصبر والمثابرة في أثناء القتال، إذ هو مما
يحبه الله تعالى، ثم إن جماعة الصحابة اتخذته غاية حياتهم، حتى واصلوا صعودهم إلى
أعلى مراتب الحب، لم يخطر ببال أحد العودة منها.. فما الذي ترتَّب عليه؟ انتصروا
على أعداءهم في الدنيا، ونالوا نعيم الآخرة كلها. فالطريق واضح، نسأل الله التوفيق
للجميع.
فيما
يلي لاحظوا بعض الأحاديث الدالة على فضل القتال في سبيل الله وعظمة صفوفه المباركة.
مجموعة مباركة
إن
القتال في سبيل الله من أحب الأعمال إلى الله، لاحظوا فيما يلي مجموعة طيبة مباركة
من أحاديث الرسول الكريم · في فضل القتال في سبيل الله، والبشائر المستقبلية
ومكانة صفوفه المعظمة.
القتال في سبيل الله ماض إلى يوم القيامة
(1)
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن النبي · قال: لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه
عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة. (مسلم 143/2)
القتال في سبيل الله علامة أهل الحق
(2)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله · يقول: لا تزال طائفة من
أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. (مسلم 143/2)
ظاهرين أبدا
(3)
عن يزيد بن الأصم قال سمعت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ذكر حديثا رواه عن
النبي · لم أسمعه روى عن النبي · على منبره حديثا غيره قال: قال رسول الله ·: من
يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق
ظاهرين على من ناواهم إلى يوم القيامة. (مسلم 124/2)
وجوب القتال في سبيل الله
(4)
عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه أخبره أن رسول الله · قال:
أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني
ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله. (رواه النسائي باب وجوب الجهاد 52/2)
القتال وسيلة إعلاء كلمة الله
(5)
عن أبي موسى الأشعري قال: جاء أعرابي إلى رسول الله · فقال: الرجل يقاتل ليذكر،
ويقاتل ليغنم، ويقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله
هي العليا فهو في سبيل الله. (رواه النسائي في باب من قاتل لتكون كلمة الله هي
العليا 57/2 والبخاري في باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا 394/1)
البشارة بالجنة لمن قاتل في سبيل الله
(6)
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه سمع النبي · يقول: من قاتل في سبيل الله عزوجل من
رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة. (رواه النسائي في باب ثواب من قاتل في سبيل
الله فواق ناقة 58/2)
الأمر بالقتال في سبيل الله عقب اعتناق الإسلام مباشرة
(7)
عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه يقول: أتى النبي · رجل مقنع بالحديد
فقال يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟ قال أسلم ثم قاتل، فأسلم ثم قاتل فقتل، فقال
رسول الله ·: عمل قليلا وأجر كثيرا. (رواه البخاري في باب عمل صالح قبل القتال
394/1)
البشارة بالقتال في المستقبل
(8)
عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال قال النبي ·: إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا
قوما ينتعلون نعال الشعر، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن
وجوههم المجانّ المطرّقة. (رواه البخاري في باب قتال الترك 410/1)
البشارة بقتال العجم
(9)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ·: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوز
وكرمان قوما من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف صغار الأعين، كأنّ وجوههم المجان
المطرقة. (السنن الكبرى للبيهقي 296/9)
صفوف القتال في سبيل الله
(10)
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا إذا حضرنا العدو مع رسول الله · لأحدنا
أشد تفقدا لركبة أخيه حين يتقدم للصف للقتال منه للسهم حين يرمي، يقول احدر ركبتك
فإني ألتمس كما تلتمس، قال الله تعالى: {كأنهم بنيان مرصوص}. (رواه الطبراني في
الأوسط عن مجمع الزوائد 420/5)
قوموا فقاتلوا
(11)
عن عقبة بن عبد السلمي رضي الله عنه أن النبي · قال لأصحابه: قوموا فقاتلوا قال:
فرمى رجل بسهم فقال النبي · أوجب هذا. (رواه أحمد بإسناد حسن عن الترغيب والترهيب
181/2)
أن يتمنى الرجل القتال والقتل فيه
(12)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي · قال: والذي نفس محمد بيده لوددت أن أقاتل في
سبيل الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل (ثم أحيا فأقتل ثم أحيا) كان أبو
هريرة رضي الله عنه يقول ثلاثا أشهد الله. (السنن الكبرى للبيهقي 265/9 موطأ مالك
476)
فضل الوقوف في صف القتال
(13)
عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله · قال: مقام الرجل في الصف أي في سبيل
الله أفضل من عبادة رجل ستين سنة. (السنن الكبرى للبيهقي 270/9)
لا يقدر أحد على سد باب الجهاد
(14)
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله ·: الجهاد ماض منذ بعثني الله تعالى إلى أن
يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل. (رواه الديلمي عن كنز
العمال 135/4 ورواه أبو داود في باب في الغزو مع أئمة الجور 365/1)
صف القتال خير من الدنيا وما فيها
(15)
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله ·: مقام رجل في صف في سبيل الله
خير من الدنيا وما فيها. (رواه الطبراني في الكبير عن كنز العمال 137/4)
المحبوبون عند الله
(16)
عن أبي سعيد رضي الله عنه يرفع الحديث قال: ثلاثة يضحك الله إليهم، الرجل إذا قام
من الليل يصلي والقوم إذا صفوا في الصلاة، والقوم إذا صفوا في قتال العدو. (المصنف
لابن أبي شيبة 237/10)
فضل من ثبت ولم تتزلزل قدمه
(17) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال
رسول الله ·: أفضل الجهاد عند الله يوم القيامة الذين يلتقون في الصف فلا يلتفتون
وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبّطون في الغرف من الجنة يضحك إليهم ربك وإذا ضحك إلى
قوم فلا حساب عليهم. (رواه
الطبراني بإسناد حسن عن الترغيب والترهيب 209/
الطبراني بإسناد حسن عن الترغيب والترهيب 209/