{سورة التوبة مدنية، الآيات 107، 108، 109، 110}


{بسم الله الرحمن الرحيم}
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)}.
ملخص معاني الآيات:
المنافقون يتخذون الأمور الأربعة التي ورد ذكرها في هذه الآيات غايات حياتهم:
وهي:
(1) الإضرار بمساجد المسلمين ومقدساتهم.
(2) نشر الكلمات المفضية إلى الكفر في المجتمعات الإسلامية بهدف تقوية الكفر والشرك.
(3) زرع بذور الفتن بين المسلمين وزعزعة أمنهم واستقرارهم.
(4) توفير ملاذ آمن لكل من حارب الإسلام والمسلمين من الكفار والمشركين، وإنشاء مراكز سرّية لإيوائهم ودعمهم ونصرهم.
المنافقون بالمدينة المنورة قاموا بتشييد مبنى باسم المسجد بالقرب من مسجد قباء، لتحقيق الغايات المذكورة الأربعة.
فنهى الله نبيه من التوجه إليه. فأمر بهدمه وإشعال النار فيه.
* الواجب على المسلمين أن يكونوا مرتبطين بالمساجد التي أسست على التقوى والرضا، ويوجّهوا عامتهم إلى التزكية والطهارة والنزاهة.
كما يجب عليهم أن يبتعدوا عن مراكز المنافقين الفاتنة، إذ هي قائمة على شفا جرف هار، تنهار بأهلها في نار جهنم.
* لقد تم هدم مسجد الضرار، وعمارته المنهارة بقيت آية على نفاقهم وهمهم وغمهم وحزنهم وندمهم.
الربط بين الآيات:
أشار المفسرون إلى روابط عدة تربطها بما سبقتها من الآيات، وفيما يلي جانب منها:
(1) قبل ذلك أشار إلى أولئك الذين قد صدرت منهم سيئة، (وهي التخلف عن الجهاد) مع سلامة عقيدتهم من الزيغ والضلال، وقد اعترفوا بخطأهم عند رسول الله ·، وقُبلت توبتهم. أما في هذه الآيات فقد أشار إلى جماعة قامت بعمل صالح في بادي النظر، (وهو بناء المسجد) لكنه صار وبالاً عليهم بسبب فساد عقيدتهم ونيتهم. (التفسير العثماني مع تسهيل يسير)
(2) في الركوع السابق أشار إلى أن السعادة والفلاح في تتبع آثار المهاجرين والأنصار، وعلى مخالفتهم يتنوع الناس في أنواع ورد ذكرها فيما مضى، والآن يذكر جماعة على مفترق طرق من الجماعة السابقة (وهي جماعة المهاجرين والأنصار)، كما أن منهجه يعارض منهجهم.
(3) في السابق أعاد ذكر المنافقين مرارا وتكرارا، والآن يذكر أحد ما أسموه بالمسجد وما يتعلق به.
(4) المنافقون مع اعتقادهم الباطل يسعون إلى إنشاء مركز لمحاربة الإسلام وللقضاء عليه. (اللاهوري)
الإسم للإسلام والعمل للكفر:

هذا هي عادة المنافقين منذ القدم، يسعون إلى نشر الكفر باسم الإسلام، ويلحقون أضراراً فادحة بالمسلمين، وفي القصة هذه استخدموا اسم المسجد، وفي الحقيقة أنشاءوا قاعدة 
للكفر والنفاق