{سورة الحشر مدنية، الآيات 11، 12}


{بسم الله الرحمن الرحيم}

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (12)}.

ملخص معاني الآيات:

لقد راسل عبد الله بن اُبي بن سلول يهود بني النضير سراً أن لا يخافوا ولا يحزنوا على أنه ليس معهم أحد، فإن أخرجكم المسلمون من المدينة لخرجنا معكم، وإن اضطررتم إلى القتال، انضممنا إلى صفوفكم، هذا ما قرّرناه، فلا نتراجع عنه، ولا نطيع فيكم أحداً.
والله يشهد إنهم لكاذبون، لأن كلامهم لا يتجاوز حناجرهم، إنما قالوا ذلك ليُحرّضوا اليهود على المسلمين، وأنهم لا يعملون بما يقولون.
فلما تكوّنت أجواء القتال، واُحيط ببني النضير، لم يأتِ أحد من المنافقين لمناصرتهم، فلما اُخرجوا من ديارهم وأموالهم، قعد المنافقون في بيوتهم، وقد أشار القرآن إلى أنهم إن خرجوا لنصر اليهود لولّوا الأدبار، فلا ناصر لليهود ولا للمنافقين، لكن المنافقين لم يخرجوا لمناصرتهم، فلم يتحقق شيء.

بشارة وتنبؤ صادق:

نزلت هذه الآيات قبل غزوة بني النضير، وفيها بشارة بأن تحالف الكفار والمنافقين لن يضرّ المسلمين، وأن النصر والفتح يحالف المسلمين.
وهذه بشارة مستقلة بنفسها. (ابن كثير)
وفيه دليل على صحة النبوة، لأنه إخبار بالغيب. (المدارك)

المنافقون لا إيمان لهم ولا عقيدة:

لا يؤمن المنافقون بدين ولا عقيدة، إنما يعبدون هواهم ومصالحهم، وما من كافر يغتر بكلامهم المعسول، ويستعد لمحاربة المسلمين، إلا ويندم في آخر المطاف، لأن المنافق ينصر الكفار مادام فيهم مصلحة له، فإذا رأى أن المصلحة في غيره، امتنع عنه.
قال القرطبي:
تعجب من اغترار اليهود بما وعدهم المنافقون من النصر مع علمهم بأنهم لا يعتقدون دينا ولا كتاباً. (القرطبي)
فلا يمكن الحماية من شرور المنافقين وفتنهم بدون قوة المسلمين وجمع كلمتهم، كما ظهر ذلك يوم بني النضير. (والله أعلم بالصواب)