{بسم
الله الرحمن الرحيم}
{ذَلِكَ
بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ
(11)}.
ملخص معاني الآية:
انتصار المسلمين وغلبتهم.. وتعس
الكافرين وخيبتهم... أسبابها:
ينصر الله المؤمنين ويحميهم ويكفيهم،
ولا ناصر للكفار ولا مولى لهم ولا وكيل، إذا خرجوا لمقاومة المسلمين.
فرق كبير بين المسلمين والكفار:
أشارت الآية الكريمة إلى الفرق الكبير
بين المسلمين والكفّار، فالله مولى المؤمنين الذي له ملك السماوات والأرض، والقادر
على كل شيء، وأنه وكيلهم الذي ينجز لهم أعمالهم. كأنه قيل لهم: المؤمنون أحبة
الله، وأن الكافرين لا مولى لهم، ينصرهم في محاربة الله. فصحابة رسول الله · آمنوا
بهذه الآية، وتوكلوا على الله، وجابهوا كفار الدنيا كلهم، وكانوا يستحضرون إيمانهم
وموقفهم من الله بأنه معهم حيث رحلوا وارتحلوا، وأن الكفار لا مولى لهم ولا ناصر.
وانطلاقا من إيمانهم بهذه الآية الكريمة فإنهم لم يقوموا بإجراء تقابل بين ما
لديهم من الطاقة والعتاد وما عند العدو، ولم يُرعبوا بقوتهم الظاهرة. اللهم وفّق
المؤمنين كلهم للعمل الكامل بهذه الآية.
قال الإمام الرازي رحمه الله:
«وفي الكلام تباين عظيم بين الكافر
والمؤمن، لأن المؤمن ينصره الله وهو خير الناصرين، والكافر لا مولى له. (التفسير
الكبير)
قال اللاهوري رحمه الله:
«مُني الكفار بهزيمة نكراء لأن الله كان
ظهير المسلمين وناصرهم، وأن الكافرين لا مولى لهم ولا ناصرا». (اللاهوري رحمه
الله)
المولى.. المعين:
كلمة «مولى» تأتي لمعان كثيرة، أبلغها
بعضهم إلى 14، فالمولى المالك، وبهذا الاعتبار الله سبحانه وتعالى مولى المسلمين
والكفار، (كما في قوله تعالى: {ثم رُدّوا إلى الله مولاهم الحق}. والمولى بمعنى
المعين، فالله معين المؤمنين وناصرهم، دون الكافرين.
فإن الله مولى العباد جميعا من جهة
الاختراع وملك التصرف فيهم، ومولى المؤمنين خاصة من جهة النصرة. (المدارك)
تفسير جامع:
قال الإمام أبو حيّان رحمه الله:
{ذلك} أي سبب انتصار المؤمنين وسعادتهم،
وهزيمة المشركين وهلاكهم أن الله مولى المؤمنين، وأن الكافرين لا مولى لهم، لأنهم
اخترعوا لهم آلهة لا تنفعهم ولا تضرهم، ولا يعبدون الله الذي يقدر على نفعهم
وضررهم. قال قتادة: نزلت هذه الآية في غزوة اُحد، ومنها استنبط النبي · جواب مقولة
أبي سفيان، لأن المشركين قالوا: لنا العُزّى ولا عُزّى لكم. فقال النبي · قولوا:
الله مولانا ولا مولى لكم.
في الآية السابقة قال: {وللكافرين
أمثالها} وقد فُسّرت بأن كفار هذه الأمة يُعذّبون بمسلميها، والعذاب بأيدي أولئك
الذين يحتقرونهم أشد وقعا على المشركين من العذاب السماوي، لذلك قال..{ذلك} أي أن
الله مولى المؤمنين وأن الكافرين لا مولى لهم. (البحر المحيط، التفسير الكبير).
مبحث السورة الخاص:
هذه السورة تناولت مبحثا مهما، عنوانه:
الكفر والكفار مبغوضون عند الله، والإيمان والمؤمنون أحباء الله، لذلك أمر
بالجهاد، وقرر السعادة والظفر للمؤمنين في الآخرة، والخزي والعار للكفار في الدنيا
والآخرة، يبغضهم الله، لأنهم يعادون الحق، حسناتهم بلا ثمن، يسعون إلى نشر الضلال
والطمع والكفر، يصدون الناس عن سبيل الله، ويقودونهم إلى جهنم. يا ليت لو حلّت هذه
الكلمات في قلب كل مؤمن، فهذه السورة ترشد إليها مرارا وتكرارا، ويعتمد على فهمها
فهم أبعاد الجهاد، وإلا فإن الناس اليوم يحتقرون المسلمين الفقراء الضعفاء لما
يرون المشركين يتقدمون، وما لديهم من ثراء ظاهري ورونق وبهجة. هؤلاء الأغبياء كيف
يدركون أبعاد الجهاد؟ قال العلامة أشرف علي التهانوي في تفسير هذه الآية الكريمة :
إن الفائزين مسلمون فقط، وإليه تشير الآية الكريمة. لاحظوا فيما يلي نص تقريره:
«إن وعد النصر والظفر للمسلمين في
الدنيا والآخرة ووعيد الخيبة والخسران للكافرين بسبب أن الله مولى المؤمنين،
يُسعدهم في الدنيا والآخرة، وأن الكافرين لا مولى لهم، لذلك يخيبون فيهما. لكن
يمكن أن يصاب المسلمون بهزيمة آنية، وينتصر الكفار فيها حسب الظاهر، لكن العبرة
بالحقيقة والواقع، والمسلم ظافر والكافر خائب بجميع الاعتبارات». (بيان القرآن
بتسهيل يسير)