{بسم
الله الرحمن الرحيم}
{طَاعَةٌ
وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا
لَهُمْ (21)}.
ملخص معاني الآية:
(1) ادعاء الإسلام باللسان لا ينفع، بل
الواجب على المنافقين أن يطيعوا الله ورسوله، ولا يقولوا إلا ما كان معروفا من
القول.
(2) فإذا جاء حكم جازم بالجهاد،
فليخرجوا للجهاد، ليبرهنوا على صدقهم في دعواهم، ففيه نفعهم وصلاحهم، وليس في
الهروب منه.
تفسير سهل:
(1) «أي إن المنافقين يدّعون التقيّد
بأحكام الإسلام والطاعة بألسنتهم، والمطلوب منهم برهنة ذلك بعملهم وفعلهم، ولا
يقولوا إلا ما كان معروفا من القول. فإذا جاء أمر جازم بالجهاد، فليصدّقوا دعواهم
بعملهم، إن فعلوا ذلك كان خيرا لهم. قال الشاه عبد العزيز رحمه الله:
«والمعنى: كل من رفض حكم الشرع خرج من
الملة، فطاعة أوامر الله تعالى كلها واجبة، ثم إن الرسول · يدري حالهم، فكيف يأمر
الجبناء بالخروج للقتال، إلا إذا استدعت الضرورة ذلك، بأن عزم أمر الجهاد وتأكَّدَ،
وإلا فالمقاتلون كثيرون». (العثماني)
(2) «يعني الواجب على المنافقين أن
يقولوا سمعنا وأطعنا كلما سمعوا نداء الجهاد، ولا يتضايقوا به، والمعنى : يطيعوا
بقلوبهم ولسانهم.
قال صاحب معالم التنزيل: أي لو أطاعوا
وقالوا قولا معروفا كان أمثل وأحسن، ثم قال وقيل هو متصل بما قبله، واللام بمعنى
الباء، فأولى بهم طاعة الله ورسوله، وقول معروف بالإجابة، وهذا قول ابن عباس في
رواية عطاء.
{فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا
اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي أمر الجهاد، فصدقوا في ادعاء الإيمان والطاعة،
لكان خيراً لهم. (أنوار البيان)
بعض عادات المنافقين:
لقد اطلعنا على بعض عادات المنافقين من
خلال دراستنا للآية الكريمة التالية:
(1) هم لايطيعون الرسول كما يجب، خاصة
فيما يتعلق بالجهاد.
(2) إضافة إلى العصيان فإنهم يشيعون
الشائعات والأوقايل الكاذبة بين الناس، فهذه وتيرة الأشرار الملاحدة، الذين
يهاجمون على الآمر للتستر على تقصيراتهم في مسئوولياتهم.
(3) يتهربون عن الجهاد رغم عزم أمر
الجهاد وتأكده، كما هربوا يوم اُحد لما استشار النبي · أصحابه في طريقة مواجهة
المشركين، فأشار بعضهم بالخروج إلى العدو، وبعضهم بالبقاء داخل المدينة، فلما خرج
إلى العدو، انفصل عنه المنافقون، وقالوا: لم يطع ما أشرنا علينا، فلا ننتحر.
(4) وأفضل طريق للوقاية من النفاق:
المشاركة الفعلية في الجهاد، لذلك قال الله تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ
صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي لكان ذلك سببا في محو ذنوبهم وشطب
نفاقهم.
(5) إن المنافقين يدّعون الإسلام، ثم
يتهربون من أهم مقتضياته، وهو الجهاد في سبيل الله.
اللهم إنّا نعوذ بك من الشقاق والنفاق
وسوء الأخلاق.
إخلاص النية في الجهاد علامة التوبة:
وفي بيان القرآن:
«هؤلاء المنافقين يتحدثون عن بطولاتهم
كثيرا في حالة السلم، وفي حالة الحرب تُعلم حقيقة دعاويهم، فلو صدقوا فيما يدّعون
من الإيمان بالثبات في ساحة القتال وتقديم التضحيات عملاً بمقتضى الإيمان وتطبيقاً
لكافة أحكام الشرع لكان خيرا لهم، أي ولو كانوا منافقين في أول أمرهم، ثم تابوا من
نفاقهم، لقُبلت توبتهم». (بيان القرآن)
ففي قوله تعالى: {فلو صدقوا الله} أي صَدَقُوا
في دعوى الإيمان بالثبات في ساحة القتال، فدلّت الآية الكريمة كغيرها على أن
الجهاد من أحد أدلة المؤمن في صدقه فيما يدّعي من الإيمان واليقين. (والله أعلم
بالصواب).
قول تفسيري:
