بسم الله الرحمن الرحيم
{اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً
من دون الله والمسيح ابن مريم. وما اُمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً، لا إله إلا هو
سبحانه عمّا يشركون}.
ملخص معاني الآية:
ومن أسباب محاربة اليهود والنصارى:
إنهم واقعون في الشرك العملي إضافة إلى الشرك
في العقيدة، لأنهم اتخذوا علماءهم وأحبارهم أرباباً من دون الله، واتخذوا المسيح
بن مريم إلهاً.
يحلون لهم ما يشاءون ويحرّمون ما يشاءون،
ويطيعونهم فيما ذُكر مثل طاعة الله، وبه أنكروا التوحيد في الطاعة، وصاروا مشركين،
أما المسيح بن مريم فيجعلونه ابن الله وجزءاً منه، مع أنهم ما اُمروا إلا ليعبدوا
إلها واحدا، لا إله إلا هو، سبحانه عما يشركون.
الأقوال والمراجع
عباد علماء السوء وصوفية الزور:
قال اللاهوري رحمه الله:
اتخذوا علماء السوء وصوفية الزور أرباباً من
دون الله، وجعلوا الله وشريعته وتعاليم أنبيائه وراء ظهورهم. ارتبطوا معهم بالصلات
التي هي من ميزات الله تعالى. (حاشية اللاهوري)
بابا الفاتيكان في روما:
«لقد تعدّت الطائفتان حدود التشريعات كلها، حيث
اتخذ اليهود أحبارهم وعلماءهم والنصارى رهبانهم وقساوستهم أرباباً من دون الله،
بأن كانوا يفتون بما يعارض أحكام التوراة والإنجيل والعقل، فكان عوامهم يذعنون لها
ويعدلونها بأحكام الله وأوامره، ونصبوا البابا في الفاتيكان بمنزلة الرب. (التفسير
الحقاني – مع تسهيل)
رواية:
لقد ذكر أكثر المفسرين الحديث التالي في تفسير
هذه الآية:
عن عدي بن حاتم (وكان نصرانيا ثم أسلم) قال
قدمتُ النبي · وفي عنقي صليب من ذهب، فقال النبي ·: يا عدي، ارم هذا الصنم من
عنقك، فرميته، فلما رجعت إليه طفق يقرأ {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون
الله} قلت يا رسول الله، لم نكن نعبد الأحبار والرهبان، فكيف اتخذناهم أربابا؟
فقال النبي·: ألا تحرمون ما حرموا عليكم؟ وتحلون ما أحلوا لكم؟ قلت: نعم، فقال: هي
عبادتهم. (معالم التنزيل 258/2 أنوار البيان)
من ترك الوحي السماوي:
«ما كانوا مهتمّين بالكتب السماوية، إنما كانوا
يتبعون تعليمات الأحبار والرهبان، أما الرهبان فكانوا يبدّلون حكم الشرع لمصلحة
دنيوية قليلة». (التفسير العثماني)
هذا هو حال الناس اليوم، فقد انتهج أحبة الدنيا
وصوفية الزور على توجيه الناس إلى اتباعهم بدلاً من الكتاب والسنة، فيبتعدون عن
الجهاد وغيره من أمور الشرع. قال الشاه عبد القادر رحمه الله:
«أقوال العلماء سند العوام، إن كان وفق الشرع، ولم
يكن من الهوى، فإن كان فلا». (موضح القرآن)
من إحدى مشاكل اليوم..
قال صاحب أنوار البيان:
«المتحررون من قيود الدين يشعرون بالصعوبات
اليوم عند العمل بأحكام الدين، وقد تأثروا بأعداء الإسلام، يطلبون من أهل العلم
الجلوس إلى المائدة لمناقشة أمور الدين، ولاستبدال بعضها بغيرها، وتحليل بعضها،
وهذا إن دلَّ على شيء فإنه يدل علي جهلهم وغباءهم، لأن العلماء إن جلسوا خنوعا
لمطالبهم، خرجوا من الدين، ولا يحل الحرام بإحلالهم». (أنوار البيان)
وقال النسفي رحمه الله:
{اتخذوا} أي أهل الكتاب {أحبارهم} علماءهم
{ورهبانهم} نُسَّاكهم {أربابا} آلهة من دون الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرّم
الله، وتحريم ما أحل الله، كما يطاع الأرباب في أوامرهم ونواهيهم. (المدارك)
واليوم يطالب حكام المسلمين المتغربين من
العلماء بتقديم الوجه الصحيح للدين إلى الناس، فالدين الصحيح ما كان خاليا عن
الجهاد في سبيل الله، وما كان حائزاً على رضا الكفار، نعوذ بالله منه نعوذ بالله
منه..
نص محقّق:
«اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله،
أي اتخذوهم أصحاب الخيار في الدين بشكل دائم، كأنهم معبودون ومربوبون، يحلون ما
شاءوا، ويحرمون ما شاءوا، جعلوا كافة السلطات التشريعية بأيديهم، فبابا الفاتيكان
في روما حائز على كافة الصلاحيات التشريعية بصفته نائب المسيح عليه السلام لدى
الكاثوليك من النصارى، وكذلك الحال بالنسبة إلى طائفة البروتستانت من النصارى، فقد
جعلت كافة الصلاحيات للكنيسة، أما اليهود فقد تغلبت تعاليم الربّيين على تعاليم
التوراة عندهم».
«الأكثرون من المفسرين قالوا ليس المراد من
الأرباب أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم، بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم
ونواهيهم». (التفسير الكبير)