{سورة التوبة مدنية، الآية: 32}

بسم الله الرحمن الرحيم

{يريدون أن يُطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يُتمّ نوره ولو كره الكافرون}.

ملخص معاني الآية:

ومن أحد أسباب قتال اليهود والنصارى..
أنهم من ألدّ أعداء الإسلام، ويريدون أن يزيلوا هذا الدين، فهم يعادون الدين الحق ويخالفونه، وهو كفر، يريدون أن يُطفئوا نور الله وهو الإسلام بأفواههم (باعتراضاتهم وإشكالياتهم وخبثهم) والله متم نوره ولو كره الكافرون.

الأقوال والمراجع:

(1) لقد تغيرت أذواقهم، لكنهم يسعون إلى إزالة الإسلام من الوجود، والله متم نوره ولو كره الكافرون. (حاشية اللاهوري)
(2) بعد طلوع شمس الإسلام والتوحيد الخالص لا مساغ للكلمات المزدوجة والدعاوي الشركية، إن كانوا يسعون إلى إطفاء نور الله بما يخالف العقل والواقع، فحالهم كمن يسعى إلى إطفاء نور الشمس والقمر بنفخه، واعلموا أن الله متم نوره مهما احترقوا بنار الحقد. (التفسير العثماني)

خبر و وعد..

أخبرت الآية الكريمة عن اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار والمشركين أنهم يسعون إلى إزالة الإسلام، ويجتهدون له بالاستمرار، هذا الخبر جاء في القرآن في غير موضع بتعبيرات مختلفة، لذلك ينبغي على المسلمين أن يحذروا أعداءهم، ويتفكروا في القضاء على قوتهم وشوكتهم ويجتهدوا لذلك، لأن من عادى الدين الحق فكأنّه عادى البشرية بأكملها، يسعون إلى منع الناس من النور، ودفعهم نحو الظلام، يريدون غرس بذور الكفر فيهم بعد إبعادهم عن الصدق، ثم أشارت الآية إلى أن هؤلاء الأغبياء يزعمون أنهم قادرون على إطفاء نور الله بأفواههم كما يُطفئ أحد نور السراج بفمه، لأن الإسلام ليس السراج الذي أشعله أحد من البشر، بل هو نور الله، ولا يطيق أحد إطفاء نوره، وفي آخر الآية وعد بنصر المؤمنين، وبإيصال النور إلى كماله.
قال الإمام الرازي رحمه الله تعالى:
ثم إنه تعالى وعد محمداً · بمزيد النصرة والقوة وعلو المرتبة وكمال المنزلة فقال: {ويأبى الله إلا أن يُتم نوره ولو كره الكافرون}. (التفسير الكبير)

الصدق المكشوف:

وفي التفسير الماجدي:
وخير شاهد على صدق الآية الكريمة تاريخ الأمة المحمدية الممتد على ألف وأربعمائة سنة، فاليهود والنصارى والمشركون والملاحدة والزنادقة والمعاندون والحاقدون ظلوا يستخدمون كافة التدابير والحيل والسلطات والقُوى لاستئصال الإسلام من جزوره، لكنه ظل ينتشر في الآفاق على قدم وساق، ويزداد عدد أهله يوما فيوما، ويكفي هنا الإشارة إلى تلك الاعترافات التي جاءت على لسان منظمي الجمعيات التنصيرية أنها فشلت فشلا ذريعا في القارة الإفريقية أمام المسلمين رغم ما أنفقت من أموال طائلة. (التفسير الماجدي)

تسلية كبيرة:

فيها تسلية كبيرة وتبشير للمسلمين بعدم زوال الإسلام رغم ما يتعرّض له من حملات ومؤامرات وانتقادات، وهي في الواقع بمثابة مشاغب ينفخ بفمه ليطفئ نور الشمس، لذلك ينبغي على المسلمين أن يتمسكوا بنور الله، وهو الإسلام، تحصل لهم القوة والغلبة بقدر تمسكهم به، وتدابير المشركين وجهودهم ومؤامراتهم ليست أكثر من شبكة عنكبوتية أو نفخات أفواه. (والله أعلم بالصواب)
نزلت هذه الآية من القرآن في الوقت الذي كان الإسلام مقتصرا على الجزيرة العربية، أما الحكومات النصرانية واليهودية فكانت منتشرة على أكبر جزء من الأرض، لكن نور الإسلام ظل ينتشر كما وعد به القرآن، ونوّر عالماً كبيراً في فترة قياسية. والحمد لله رب العالمين.