{سورة التوبة مدنية، الآية 68، 67}

بسم الله الرحمن الرحيم

{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (68) }.

ملخص معاني الآية:

(1) المنافقون والمنافقات كانوا يدّعون الإسلام، ويحلفون للمسلمين بأنهم منهم، وليسوا كما يقولون، فهم رجالهم ونساءهم سواء، ولا يمتون إلى المجتمع الإسلامي بأية صلة.
(2) لا ينتهي المنافقون والمنافقات عن خبثهم، يوازرون الكفر ويعادون الإسلام والجهاد، يطمعون في المال، فليحذرهم المسلمون.
(3) إن المنافقين من كبار العصاة، رجالهم ونساءهم يقرون بالإسلام بلسانهم، ويسعون ليل نهار بمكرهم وحيلهم الكاذبة إلى إبعاد الناس عن الخير وحثهم على الشر، (يسعون إلى تعميم الشر وإضعاف الخير) كما يقبضون أيديهم عن الإنفاق (خاصة في مناسبات الجهاد والدين). وباختصار إنهم ينطقون بكلمة الإسلام، لكنهم لا ينفعون الإسلام بلسانهم ولا بأموالهم، فلما نسوا الله نسيهم، وأبعدهم عن رحمته، ووعدهم الله وغيرهم من الكفار بالخلود في النار، ولعنهم في الدنيا والآخرة.

عبارة تدعو إلى التأمل:

«لا فرق بين المنافقين والمنافقات من ناحية اتحاد الهدف، فالجميع يهدفون إلى منع المسلمين من الجهاد وتوفير الحماية للقوة المركزية، يشعرون بالضيق والحرج إذا طولبوا بالإنفاق في سبيل الله، لقد تغافلوا عن واجباتهم ومسئولياتهم التي كانت بمثابة الحياة لهم، فصاروا يحسبون خيرا ما يضرهم، ولم ينصروا الإسلام بأموالهم وقت الحاجة المُلحّة، فلا ينصرهم الله تعالى عند احتياجهم.. ومن هنا عرفنا أن ما من شخص لا يهتم بحماية الإسلام وصيانته، ويتنفّر من الجهاد في سبيل الله، ولا يدّعي الإسلام إلا بلسانه، لا فرق بينه وبين من لا يول إلى الإسلام أيّ اهتمام». (تفسير القرآن)

آية النفاق.. النفور من الجهاد:

لاشك أن المنافقين والمنافقات من أشد الناس خطراً على الإسلام والمسلمين، فقد حذّر الله عباده في القرآن من التقرّب منهم، إذ هم أعداء كل خير، ودعاة إلى كل شر، يبذلون ما بوسعهم لنشر الرذائل بين المسلمين، أبرز علاماتهم النفور من الجهاد، إذ ما من منافق إلا ويتنفر منه، مع أن الجهاد مما أمر الله به، كما أنه بر معروف، ومن هنا أدعوكم إلى تأمل أنشطة المنظمات غير الحكومية التي تسير وفق الخطط التي رسمتها الدول الغربية. (والله أعلم بالصواب)

المنافقون ينهون عن الجهاد:

«قال الله تعالى: {وينهون عن المعروف} أي المنافقون يمنعون الناس عن كل خير، من الإيمان بالله وطاعته، ويقولون: لا تخرجوا للجهاد في الحرّ.» (التفسير المظهري)
والمعنى أنهم يلجأون إلى حيل كاذبة لمنع الناس من الخروج للجهاد في سبيل الله، كما في تبوك منعوا المسلمين من الخروج بحجة شدة الحرارة.

قبض الأيدي بمعنى ترك الجهاد:

قال الله تعالى: {ويقبضون أيديهم} قيل: معناه : لا يخرجون للجهاد في سبيل الله.
قال القرطبي: «وقبض أيديهم عبارة عن ترك الجهاد». (القرطبي)
وقال ابن زيد: وعن الجهاد وحمل السلاح في قتال الأعداء. (المحيط المحيط)
ويدخل فيه ترك الإنفاق في الجهاد، ونبّه بذلك على تخلفهم عن الجهاد. (التفسير الكبير)

الدنيا أكبر هَمِّ المنافقين:

«قال الله تعالى: {هي حسبهم} أي النار تكفيهم، قال ذلك توبيخا وزجرا، إذ لا يهمهم شيء أكبر من الدنيا، لذلك أشار إلى أن الدنيا زائلة فانية، وليس لهم إلا نار جهنم». (أنوار البيان)
أفكار مثقفي اليوم:
إن أصحاب الأفكار النيّرة اليوم يحبون أن تنتشر كل رذيلة بين المسلمين، فقد سعوا إلى نشر الرذائل والسفور والإباحية بينهم بإنشاء جمعيات خيرية غير حكومية، يعادون الجهاد، ويطمعون في المال، لا يهمهم إلا حياة الدنيا والاستمتاع بملذاتها، ويصرّون على أنهم من أفضل الناس دينا.
والله المستعان، وهو أعلم بالصواب.