{سورة المنافقون مدنية، الآية 7}


{بسم الله الرحمن الرحيم}

{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)}.

ملخص معاني الآية:

يحسب المنافقون أن سبب تماسك المسلمين بالجماعة المساعدات المالية، فإن حُرموا منها تفرقوا، وهذا ما قاله عبد الله بن اُبي بن سلول لجماعة الأنصار.. لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا.
فرد عليهم بأن ظنهم ذلك كان خاطئا، فخزائن السماوات والأرض لله، يرزقهم ويُطعمهم، ولا أحد يُعطي أحدا إلا بإذن الله، ولكن المنافقين لا يفقهون، يزعمون أن المال مفتاح السعادة، لا يدرون أن أرزاق الخلائق بيد الله.

تفسير سهل:

لقد سبقت القصة أن ..
الناس على ذلك الماء إذ وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار، يقال له جهجاه بن سعيد الغفاري يقود له فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبرة الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج، على [ذلك] (2) الماء فاقتتلا فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار! وصرخ الغفاري: يا معشر المهاجرين ! وأعان جهجاهًا الغفاريَّ رجلٌ من المهاجرين يقال له جُعال، وكان فقيرًا، فغضب عبدُ الله بن أبيٍّ ابنُ سلولَ وعنده رهط من قومه فيهم زيد بن أرقم، غلام حديث السن، فقال ابن أُبيّ: أفعَلوها؟ فقد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما مَثَلُنا ومثلُهم إلا كما قال القائل: ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُّ منها الأذَّل».
فهذا لم يكن يدري أن لله خزائن السماوات والأرض، فهل يُهلك الله عباده بالجوع والعطش، الذين سخّروا حياتهم لخدمة رسوله، وإن هم أوقفوا الإنفاق عليهم ألا يُطعمهم الله من عنده؟ فالصحيح أن الذين ينفقون الأموال على هؤلاء المؤمنين، ما كانوا لينفقون عليهم لو لم يوفّقهم الله تعالى له، إذ ليس بإمكان أحد أن يُنفق قرشا واحدا في سبيل الله بدون مشيئته وإرادته». (العثماني بتلخيص)

من خزائن الله تعالى:

قال القرطبي رحمه الله:
قيل لحاتم الأصم رحمه الله: من أين تأكل؟ فقال {ولله خزائن السموات والأرض}. (القرطبي)

لا أحد يعطي شيئاً:

قال البغوي رحمه الله:
{ولله خزائن السموات والأرض}
فما من شخص يعطي أحداً، أو يمنعه منه، إلا بإذن الله. (معالم التنزيل)

فكرة المنافق:

يرى المنافق أن المؤمن لا يجاهد إلا لأجل المال، وليس وراء جماعة المسلمين إلا المال، وذلك لأن المنافق نفسه لا يعمل  إلا للمال، فلا يتفكر عقله خارج نطاق المال، يرى أن المجاهد لا يجاهد إلا للمال، وكذلك جماعة المسلمين غير متماسكة إلا بفضل المال. لذلك إن تم إغلاق منافذ المال، توقف الجهاد، وانفض جمعهم، فلا يقدر أحد على إنجاز عمل ديني. فهو بغباءه وجهله لا يدري أن أهل الدين لا يجعلون المال غاية حياتهم، كما لا يدري المنافق كُنه خزائن الله تعالى، ولا كيفية تدبير أرزاق خلقه.
ففي هذه الآية الكريمة درس مهم للمجاهد، بأن لا يجعل نُصب عينه المال، بل عليه أن يجعل أكبر ثقته في ذات الله سبحانه وتعالى، ولا يتوكل إلا على خزائن الله فيما يتعلق برزقه، ولا يغتمّ بانسداد أبواب الرزق الظاهرة. (والله أعلم بالصواب)