سورة البقرة مدنية،
8:56 م
سرية عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه
التعريف
نزلت الآية 217 و218 من سورة البقرة في سرية عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه، فالأولى بنا أن نسرد وقائع هذه المعركة الجهادية المباركة هنا.
***
عند رجوعه · من غزوة سفوان بعث في رجب سنة اثنتين من الهجرة عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي، ومعه ثمانية رجال من المهاجرين، وهم:
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة.
وعكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي.
وعتبة بن غزوان بن جابر المازني.
وسعد بن أبي وقاص.
وعامر بن ربيعة العنزي.
وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم.
وخالد بن البكير، أخو بني سعد بن ليث.
وسهيل بن بيضاء الفهري.
وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لعبد الله بن جحش، وهو أمير القوم، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه، ولا يكره أحداً من أصحابه.
ففعل ذلك عبد الله بن جحش، فلما فتح الكتاب وجد فيه: إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشاً أو عيراً لقريش، وتعلم لنا من أخبارهم . فلما قرأ عبد الله بن جحش الكتاب قال: سمعاً وطاعة. ثم أخبر أصحابه بذلك، وبأنه لا يستكرههم، وأما هو فناهض، ومن أحب الشاهدة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع. فمضوا كلهم معه، فسلك الحجاز، حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بحران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه، ونفذ عبد الله في سائرهم حتى ينزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً وتجارة، فيها عمرو بن الحضرمي، واسم الحضرمي: عبد الله، وعثمان ابن عد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل بن عبد المخزوميان، والحكم ابن كيسان مولى بني المغيرة.
فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم. ثم اتفقوا على ملاقاتهم، فرمى عبد الله بن واقد التميمي عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت (1) نوفل بن عبد الله، ثم قدموا العير والأسيرين، قد أخرجوا الخمس من ذلك فعزلوه، فذكر أنها أول غنيمة خمست. فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلوا في الشهر الحرام، فسقط في أيدي القوم، فأنزل الله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل قتال فيه كبير} الآية، إلى قوله: {حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم الخمس، وقسم الغنيمة، وقبل الفداء في الأسيرين؛ ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة.
وهذه أول غنيمة غنمت في الإسلام، وأول أسيرين أسرا من المشركين، وأول قتيل قتل منهم.
وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استشهد يوم بئر معونة.
وأما عثمان بن عبد الله فمات بمكة كافراً.
وفيه قال عبد الله بن جحش:
تعدون قتلا في الحرام عظيمــة وأعظم منه لو يرى الرشد راشـد
صدودكم عما يقول محمـــــد وكفــــــر بـه والله راءٍ وشاهـد
وإخراجكم من مسجد الله أهلـه لئلا يرى فـــي البيت لله ساجـد
فانا وان عيرتمـــــــــونا بقتله وارجف بالإســلام بـاغ وحاسـد
سقينا من ابن الحضرمي رماحنـا بنخلة لما أوقــــد الحرب واقـد
دما وابن عبد الله عثمان بيننــــا ينازعه غد من القيـــــــد عانـد
إلحاق:
الشيخ الكاندهلوي رحمه الله تعالى اختار وقوع السرية في آخر رجب، وعند العديد من أهل العلم من مفسرين ومؤرخين أن النبي · بعثها في آخر جمادى الآخرة، وكان قد اشتبه عليهم رجب، هل ابتدأ أم لم يبتدئ. والله أعلم بالصواب