{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ
ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}.
ملخص
معاني الآية:
في المناطق المجاورة للمدينة المنورة
وداخلها عدد من المنافقين، لا تعرفهم لفطنتهم نحن نعلمهم بأنهم منافقون، وسوف
يعذبهم الله تعالى في الدنيا مرتين قبل عذاب الآخرة الذي يُدفعون إليه.
الربط
بين الآيات:
(1) في الآيات السابقة أمر باتباع
المهاجرين والأنصار، وفي هذه الآية يشير إلى أن الناس إن تركوا اتباع المهاجرين
والأنصار، فما هي الظروف التي يواجهونها؟ قال في تفسير الفرقان:
«إن تركوا اتباع المهاجرين والأنصار،
ترتب عليه نتائج وخيمة ومن ضمنها وجود أشخاص كهؤلاء المنافقين». (تفسير الفرقان)
(2) في الآيات السابقة كان بيانا لأكثر
المسلمين سعادة ونجاحاً، وهم السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار، وفي هذه
الآية بيان لأكثر الناس فشلا وشقاوة، وهم المنافقون الذين في عقيدتهم خبث وخداع،
بحيث أخذت جذور النفاق تستقر في أعماق قلوبهم. قال اللاهوري رحمه الله:
«(في هذه الآية) بيان لأحوال أولئك
المنافقين الذين لا يُغفر لهم». (حاشية اللاهوري)
كلام
بركة:
{سنعذبهم مرتين} أي يلاحقهم العذاب في
الدنيا مرة بعد مرة، ثم يردون إلى العذاب العظيم في الآخرة.
«فمن هؤلاء المنافقين من أصيب بالعمي،
أو الجذام أو امتلأ قيحا». (موضح القرآن)
العذاب
مرتين:
قال الله تعالى: {سنعذبهم مرتين} قيل:
المراد من العذاب مرتين: تكرار العذاب عليهم في الدنيا.
«ويحتمل أن يكون لا يراد بها شفع
الواحد، بل يكون المعنى على التكثير كقوله {ثم ارجع البصر كرتين}». (البحر المحيط)
لكن عند أكثر المفسرين المراد منه عذاب
الدنيا مرتين، لكنهم اختلفوا في تعيينهما، فقيل:
العذاب الأول العذاب
الثاني
-------- ---------
خزي الدنيا عذاب
القبر
أمراض الدنيا عذاب
القبر
تنفيذ الحدود عليهم في الدنيا عذاب
القبر
الشعور بالإحباط بملاحظة انتصار الإسلام
وغلبته عذاب القبر
عذاب المال والأولاد عذاب
القبر
القتل والجوع عذاب
القبر
ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند الموت عذاب القبر
أخذ أموالهم بالقوة تنظيمهم
في الجهاد
(البحر
المحيط)
يعتبر
المنافقون الجهاد عذابا لهم:
قال أبو حيّان رحمه الله:
وقال الحسن: الأول ما يؤخذ من أموالهم
قهرا. والثاني: الجهاد الذي يؤمرون به قسراً، لأنهم يرون ذلك عذابا. (البحر
المحيط)
والمعنى أنهم لا يؤمرون بالجهاد إلا
لادعائهم الإسلام، لكنه يكون صعبا عليهم كأنه عذاب، هم ما كانوا مثل مفكري اليوم
الذين يلجأوون إلى التأويلات، بأن المراد من الجهاد بذل الجهد لأجل الدين بأي شكل
كان، وبه تتم فريضة الجهاد، ولا حاجة إلى قتال المشركين، وذلك لأن معنى الجهاد كان
محدّداً ومعروفا في ذلك الزمان بحيث لم يكن هناك مساغا للتأويل. (والله أعلم
بالصواب)