{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3)}.
ملخص معاني الآيات (أ):
فتح الله لنبيه فتحا مبينا ..
(1) ليغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما
تأخر.
(2) وليُتمّ نعمته عليه.
(3)
ويهديه إلى صراط مسقتيم.
(4) وينصره الله نصرا عزيزاً.
(ب):
إن الله فتح لنبيه فتحا مبينا، الذي لا يتحقق
إلا بالجهاد، الماحي للذنوب، الفاتح لأبواب الإسلام للناس، والذي يُسهّل السير على
الصراط المستقيم، كما يتم الله نعمة الدين عليهم إلى يوم القيامة، وينزل نصرا
مؤزّرا لا يقبل الهزيمة.
(ج):
لقد فتح الله على نبيه فتحا مبينا، وفيه
دلالة على أنه يحب نبيه ورسوله محمداً ·، فقد غفر له ذنوبه، وأتم عليه نعمة الدين،
ولا يقبل من الدين إلا ما أنزله عليه حتى تقوم الساعة، كما أنه يغلب هذا الدين
بحيث لا يواجه الناس صعوبات في اتباعه والعمل به، وينزل نصره على رسوله، وبفضله
ينتشر الإسلام في ربوع الدنيا، فلا يقدر أحد على منعه، وبه ترتقي منازل نبيه،
وتزدهر أنوار هدايته.
مباحث الآيتين:
(1) لقد أعلن الله بأربعة جوائز جليلة
لنبيه بعدما بشّره بالفتح المبين.
(2) هل الفتح كان سبب تلك الجوائز التي
نالها؟
(3) ما المناسبة بين الفتح ومغفرة
الذنوب؟
(4) إن رسول الله · معصوم عن الخطأ
والذنوب، فما معنى مغفرة ذنوبه؟
(5) ما معنى إتمام النعمة عليه؟
(6) كان النبي · بالمرتبة العليا من
الهداية والرشد، فما معنى إهدائه صراط مستقيما؟
(7) وما معنى {نصرا عزيزا}؟
(8) ترتيب الفتح ليس إلا بعد النصر، فما
معنى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا .. وينصرك الله نصرا عزيزاً؟
فيما يلي لاحظوا نصوص أهل العلم والنكات
الجهادية على هذه المباحث وغيرها.
الفتح والمغفرة:
{ليغفر لك الله} النعمة الأولى بين
النِعَم الأربعة «المغفرة» واللام في «ليغفر» للتعليل. والمعنى إنا فتحنا لك فتحا
مبينا ليغفر لك الله، أما أن المغفرة كيف تحصل بالفتح؟ فلاحظوا النصوص التالية:
(1) ووجه كون الفتح سببا للمغفرة أن
بفضل الفتح سيدخل الناس في دين الله أفواجا، وستعم الدعوة الإسلامية في العالم،
وهي من أهم مقاصد بعثة النبي ·، وسبب مضاعفة أجوره وثوابه، وكلما زاد الأجر زال
الإثم. (بيان القرآن بتسهيل)
(2) لا يتحقق الفتح إلا بالجهاد، وبه
يزول الشرك ويعلو التوحيد، وبه يتقوّى المقصّر ويكتمل، ليتدرج في مراقي الفلاح
والكمال فيما تأتي من الأيام. وبه يمكن تحرير المستضعفين من المسلمين من ظلم
الظالمين وبطشهم. وكل هذه الأعمال تمحو الذنوب وتغفرها. (المظهري بتسهيل)
قال الإمام القرطبي رحمه الله:
ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث أنه جهاد
للعدوّ سبباً للغفران والثواب. (القرطبي)
(3) إن الله سبحانه وتعالى آذن بكون
الفتح سببا لأربع نِعَمٍ، وكان اجتماعها بعد أن تحقق الفتح لرسول الله ·، فقد أتم عليه
نعمة الإسلام وأظهره على الناس، ونصر نبيه نصرا مؤزّراً وبلغ نسيم الهدي والرشد
إلى مشارق الأرض ومغاربها. (التفسير الكبير ملخصا)
(4) أراد بالفتح فتح مكة، وبفضله تطهرت
الكعبة من دنس الأوثان، فطهارة الكعبة كان سببا في المغفرة. (التفسير الكبير)
(5) وفي تفسير الجلالين:
{ليغفر لك الله} بجهادك {ما تقدم من ذنبك
وما تأخر} لترغب أمتك في الجهاد وهو مؤوّل لعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
بالدليل العقلي القاطع من الذنوب. (تفسير الجلالين)
الفتح دليل المغفرة:
وفي التفسير الكبير:
المراد منه التعريف، تقديره {إنا فتحنا
لك} ليعرف أنك مغفور معصوم، فإن الناس كانوا علموا بعد عام الفيل أن مكة لا يأخذها
عدو الله المسخوط عليه، وإنما يدخلها ويأخذها حبيب الله المغفور له. (التفسير
الكبير)
فيها وعد بالشفاعة الكبرى وتسلية له ·:
لاشك أن نبي الله · معصوم عن الذنوب،
فما معنى قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}؟ أجيب عنه بعدة
أجوبة، قالوا:
(1) أراد بالذنب ترك العمل بالأولى
والأفضل في بعض المعاملات.
(2) أراد بالذنب الأخطاء التي صدرت عن
جماعته.
(3) أراد بالمغفرة ما وعده الله
بالحماية عن المعاصي كلها.
* المراد ذنب المؤمنين.
* المراد ترك الأفضل.
* المراد العصمة وقد بينا وجهه في سورة
القتال. (التفسير الكبير)
وقال المفسرون: لم يعد الله تعالى
بالمغفرة عما تقدم من الذنوب وما تأخر لغيره من الأنبياء، وفيها إعلان عن تبوّأه
منزلة الشفاعة الكبرى، فلا يُكرم الله بها يوم القيامة أحدا من الأنبياء والمرسلين
ولا أحدا من الملائكة المقرّبين غيره.
لاحظوا بعض العبارات:
(1) لم يخبر اللهُ أحدا من عباده أنه
غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، مع أن المغفورين كثيرون، وفيه تطمين له عن
المؤاخذة. (أي لا تخاف سؤالا ولا عقاباً). (موضح القرآن)
(2) لقد أنعم الله عليه بأربع نِعَم
جزاء على ما تحقق له من فتح، أولاها مغفرة الذنوب، فقد غفر الله له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر، وهي أعمال اعتُبرت تقصيرات نظراً إلى منزلته العالية، وهذا إيذان
أفرده به ولم يشاركه فيه أحد من خلقه منذ أن خلق السماوات والأرض. ففي صحة الخبر عنه
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم «أنه كان يقوم حتى ترِم قدماه، فقيل له: يا رسول الله
تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفَلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟».
ثم إن الله سبحانه وتعالى لم يُخبره بما
أخبر إلا لعلمه أن الخبر لا يزيده إلا تواضعا وتخشعا. ففي حديث الشفاعة الطويل ...
فيقول: لست هُنَاكُم، ائتوا محمدًا عبدًا غَفَر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
فيأتوني... (التفسير العثماني)
(3) وليس في الإخبار عن المغفرة إشارة
إلى أن أنه ارتكب سيئة، إنما هو كان من باب : حسنات الأبرار سيئات المقربين.
(المظهري)
النعمة الثانية
تكميل الإسلام والوعد بالتغليب:
والنعمة الثانية هي: {ويتم نعمته
عليك}..
فيها بشارة بعدة أمور:
(1) يتقوّى الإسلام ويزداد قوة وظهوراً
وانتشاراً.
(2) يكتمل الإسلام، ويُعلي كلمته، ويقضي
على معاقل الجاهلية، ويحج الناس ويعتمرون في أجواء آمنة.
(3) يبلغ الله هذا الدين مشارق الأرض
ومغاربها، ويبقى إلى أن تقوم الساعة. إن محمداً رسول الله الذي بعثه إلى الناس
كافة، لم يبعثه إلى عشيرة بعينها أو قوم بعينه، فهو رسول الله إلى البشر والجن،
وسوف يُكمل دينه ويظهره على الدين كله.
(4) يُكمل الله عليه نِعَمه الظاهرة
والباطنة، المادية والروحية، ومن أعظمها إكمال دينه وإظهاره على بقية الأديان.
(5) يطيعه العظماء الجبابرة، ويدخلون في
الإسلام.
(6) يُكرمه الله برضاه، ويتغلب على
أعدائه، ويفتح عليه مكة والطائف وخيبر.
(7) يُنعم عليه بنعيم الجنة العالية
الغالية.
(8) كان فضل الله عليه عظيما، فقد أكرمه
بالنبوة والرسالة، وأنزل عليه كتابه، وفتح عليه أبواب علومه ومعارفه، وجازاه بثواب
أعمال كثيرة، وسوف يزيدها ويكملها، بأن يوفق كثيرا من الناس للإيمان به، والذي
يزيد أجره إلى أجر.
(9) يقبل الله دعاءه بالفتح، ويقبل
شفاعته في المذنبين يوم القيامة.
(10) وسوف يطهّر أرض جزيرة العرب من
أعدائه، ويُكمل أحكام دينه، إذ هي من إحدى نِعَمِ الله العظيمة.
فائدة:
كل هذه النِعَم وتلك البشائر تتضمنها
كلمة {ويُتمّ نعمته عليك} وقد تحققت جميعها للنبي · في عهده الزاهر. وللتوسع في
الباب راجعوا تفسير القرطبي والتفسير الكبير، والمدارك، وروح المعاني وبيان
القرآن، والبحر المحيط، والمظهري والعثماني والحقاني ومعارف القرآن للكاندهلوي.
وفيما يلي نكتفي بسرد بعض نصوص أهل العلم:
(1) {ويُتم نعمته عليك} بإعلاء دينك
وفتح البلاد على يدك. (المدارك)
(2) {ويُتم نعمته عليك} قال ابن عباس:
في الجنة، وقيل بالنبوة والحكمة، وقيل بفتح مكة والطائف وخيبر وقيل بخضوع من
استكبر وطاعة من تجبّر. (القرطبي)
(3) {ويُتم نعمته عليك} بإظهارك على
عدوك ورضاه عنك. (البحر المحيط)
(4) {ويُتم نعمته عليك} بإعلاء الدين
وانتشاره في البلاد وغير ذلك مما أفاضه تعالى عليه · من النعم الدينية والدنيوية.
(روح المعاني)
(5) {ويُتم نعمته عليك} يحتمل وجوهاً
أحدها أن التكاليف عند الفتح تمّت حيث وجب الحج وهو آخر التكاليف، والتكاليف نعم.
ثانيها يتم نعمته عليك بإخلاء الأرض لك من معانديك فإن يوم الفتح لم يبق للنبي
عليه الصلاة والسلام عدوّ ذو اعتبار، فإن بعضهم كانوا اهلكوا يوم بدر، والباقون
آمنوا، واستأمنوا يوم الفتح. ثالثها : ويتم نعمته عليك في الدنيا باستجابة دعائك
في طلب الفتح، وفي الآخرة بقبول شفاعتك في الذنوب. (التفسير الكبير)
النعمة الثالثة
ويهديك صراطا مستقيما..
والنعمة الثالثة التي وعدها الله برسوله
· هي نعمة الهدي إلى صراط مستقيم، ولاشك أن النبي · كان على الصراط المستقيم قبل
نزول هذه الآية، وكان على الهداية، بل كان هاديا لغيره إلى الرشد والصلاح، فما
معنى هديه صراطا مستقيما بعد الفتح؟ ذكر المفسرون معاني عدة لهذه العبارة، وهي كما
يلي:
(1) يتيسر لك السير على الصراط
المستقيم، ولا يعيق الكفار والمشركون طريقك. (معنى ما جاء في بيان القرآن)
(2) يتيسر الجهاد للمسلمين بعد الفتح،
لأنهم لاحظوا منافع الجهاد الفورية والمستقبلية، والجهاد يرشد إلى الهدي، وبناء
عليه تُطلق كلمة «مجاهد في سبيل الله» على الغازي. فمعنى الهداية إلى الصراط
المستقيم: أنه يتيسر لهم الجهاد في سبيل الله. (التفسير الكبير)
(3) يثبّت الله رسوله على الرشد والصلاح
ما عاش، فلا يعيق طريقه شيء في إقامة حكم إسلامي شامل على قلوب ونفوس المسلمين،
يدخلون في دين الله أفواجا، وتزداد أجوره وحسناته.
أي يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه.
(القرطبي)
(4) أراد بالهدي إلى الصراط المستقيم :
التوفيق والقوة لتنفيذ الحدود الشرعية، والعلم الخاص بضوابط وأحكام شرع الله،
واليُسر في تبليغ الدعوة إلى العالم. (روح المعاني، المظهري)
(5) معنى الهدي إلى الصراط المستقيم أن
العمل بما جاء به من شرع وأحكام لا يصعب على أحد، لأنه من أكثر الأديان رشدا
وصلاحا ووضوحا، فلا يشعر بالصعوبة، ولا يجد فيه خفاء ولا غموضا، شأنه شأن راكب
يسير في ضوء الشمس في وسط النهار، لا يضل طريقه. (معارف القرآن للكاندهلوي)
(6) معنى هديه إلى الصراط المستقيم : أن
كثيرا من الناس الذين كانوا يرفضون تصديقك وكونك على الحق والرشد تتفتح عيونهم بعد
الفتح، فيدركون أنك على الصراط المستقيم. (معارف القرآن)
(7) أي تزيد نوراً وهدياً، لأن الهداية
على منازل متفاوتة، وسوف تزيد مراتب هدايتك بعد الفتح. (معارف القرآن)
الخلاصة:
وباختصار إن الله سبحانه وتعالى بشّر نبيه
في هذه الآية بأنه سوف يشعر باليُسر والسهولة في الدعوة إلى الله بعدما يتحقق له
الفتح، يتيسر له تنفيذ وتطبيق الضوابط الشرعية، والسير على نهج الهداية، والجهاد
في سبيل الله الذي يُبلغ الإنسان إلى ربه، كما تزيد درجاته، وتزول عوائق طريق
الدعوة إلى الله. (والله أعلم بالصواب)
النعمة الرابعة
وينصرك الله نصرا عزيزاً..
(1) النعمة الرابعة: ينصرك الله نصرا
مؤزّراً على أعدائك. (الحقاني)
(2) يغلبه الله على أعدائه بحيث يزيده
شرفا ومنزلة، فلا يقبل الضغوط من أحد، فكان كما قال، فقد ظهر النبي · على الجزيرة
العربية بأكملها وبسط فيها حكمه وسلطانه. (معنى ما ورد في بيان القرآن)
أي قويا منيعا لا ذل بعده أبدا.
(المدارك)
(3) أي ينصره الله نصرا لا يقدر أحد على
منعه، أو الحد من شأنه، فلا يفارقه الفتح والنصر، قال الله تعالى في سورة «النصر»
: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي
دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ
كَانَ تَوَّابًا (3)}. والظاهر أنه استغفر ربه بمناسبة الفتح المبين، فرد الله
عليه بقوله {ليغفر لك الله} ، وبما ذكرنا يتضح المراد أكثر، نبّه عليه ابن جرير
رحمه الله تعالى. (مفهوم ما كتبه العثماني)
(4) أي ينصرك الله نصرا لا ينصر بمثله
أحدا عادة.
بناءً على أحد معاني العزة وهو قلة
الوجود وصعوبة المنال والمعنى: ينصرك الله نصرا يقل وجود مثله ويصعب مناله. (روح
المعاني)
فإن قيل:
لاشك أن النصر يسبق على الفتح، وهنا
قال: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}.. ثم قال.. {وينصرك الله نصرا عزيزاً}.. فما
معناه؟
قلنا: إن أراد بالفتح «صلح الحديبية»
فإن النبي · لم يُبرمه إلا بأمر من الله وحكمه، والإذعان لحكم الله يستوجب نصره.
وإن أراد بالفتح : فتح مكة، فالآية وعدت بالفتح، وأعقبت الوعد بالنصر، والمعنى إنه
ينصرك فتفتح مكة. (معنى ما كتبه المظهري)
نكتة مثيرة:
وفي التفسير الكبير:
لقد أتى بلفظ الجلالة صراحة في قوله
{وينصرك الله نصرا عزيزا} واكتفى بالضمير في قوله {ويُتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما}
وذلك للتأكيد على أن النصر ليس إلا من الله، إذ النصر لا يتحقق بدون الصبر، والصبر
لا يتحقق إلا بذكر الله، فأشار بالتصريح بلفظ الجلالة إلى أنكم إن رغبتم في نصر
الله وتأييده فما عليكم إلا الاهتمام بالذكر والإكثار منه. (معنى ما كتبه صاحب
التفسير الكبير)
نص جامع:
النعمة الرابعة «النصر العزيز» أي نصر
قوي ثابت لا يزيله معاداة أحد ولا مخالفته وتمرده، بحيث يوسّع الله طريق الإسلام،
فيدخل الناس فيه أفواجا، فإذا رأيت قد تحقق ما وعدك الله من نصر وتأييد وتمكين
وانتشار دعوة واستجابة الناس لها، فاعلم أن الغرض من إرسالك قد تم، لأنه لم يبعثك
إلا لأجله، فما عليك إلا أن تتفرغ لعبادة ربك ولتسبحه بحمده، وإليه أشار في سورة
النصر:
{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
(1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}.
فإذا سرتَ من
الدنيا إلى الآخرة، فلا تتحزّن ولا تتألم، فقد سامحنا عنك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر. أما استكمال ما منحه الله من «فتح مبين» و«نصر عزيز» فإنه يتحقق بعد وفاته
على يد أصحابه وخلفائه، فقد فتح الله بلاد فارس والشام على أيدي خلفائه، وقسّموا
خزائن قيصر وكسرى على المسلمين. (معارف القرآن للكاندهلوي)
درس مهم:
إن كان المسلمون يرغبون في أن تُغفر لهم
ذنوبهم، وتُمحى معاصيهم الشخصية والجماعية، وأن يوفّقوا للعمل بنعمة الله الإسلام،
وأن يسهّل الله لهم طريق الرشد والهداية، وأن ينتصروا على أعدائهم، فما عليهم إلا
إحياء عملية «الجهاد في سبيل الله» و«البيعة على الجهاد» وإليه كانت الإشارة في
الآيات الثلاث من سورة الفتح، وإن كانت قد نزلت أصلا في النبي ·. (والله أعلم
بالصواب)