{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)}.
ملخص معاني الآية:
كان بنو إسرائيل قد طلبوا أميرا يقاتلون في
سبيل الله تحت رايته، فقال لهم نبيهم: إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا وأميرا، فلما
سمعوا ذلك تغيّروا وقالوا: أنّى يكون له الملك علينا؟ نحن أولى بالملك منه، إذ هو
معدم لا مال له، فقال لهم نبيهم: هذا اختيار الله، فقد اختاره الله ملكا عليكم،
وأودع فيه من الكفاءة البدنية والعلمية ما تؤهّله لهذا المنصب، والله يؤتي ملكه من
يشاء، والله واسع عليم.
طالوت:
طالوت بن كش، هو أول ملوك بني إسرائيل في
التاريخ، وكان عهده من 1012 إلى 1028 قبل المسيح، ورد ذكره في التوراة باسم شاؤول.
(التفسير الماجدي)
(2) ينتمي بنو إسرائيل إلى اثني عشر سبطا من
أسباط يعقوب عليه السلام، وقد تم توزيعهم على اثني عشر قبائل أو فرق على أساس
سلالي، أصغرهم بنيامين، وكان طالوت منه حسب تصريحات التوراة. (التفسير الماجدي)
(3) كان طالوت اسمه بالعبرانية ساؤل، فسمّى
طالوت لطوله. (معالم- ماجدي)
(4) كان طالوت أول ملك على بني إسرائيل، إذ لم
يكن قبله ملك يحكمهم، وكان عاملا يكتسب قوت أهله بيده، فاحتقروه. فقال لهم نبيهم:
إن الملك لله، وليس لأحد من البشر، يجعله إلى من يشاء من عباده، والعلم أهم من
المال. أما عن طول بدنه فقد أخبر الله نبيه عن عصا، وأن من كانت قامته بطولها فهو
مَلِكهم، فلم يكن فيهم أحد غيره، في طول العصا، فأصبح ملكا عليهم. (موضح القرآن)
(5) كان دباغا أو راعيا. (تفسير الجلالين)
(6) وكان طالوت سقّاء. (القرطبي) وكان عالما
فلذلك رفعه الله. (القرطبي)
إنكار
بني إسرائيل:
(1) وكان من سبط بنيامين، ولم يكن من سبط
النبوة، ولا من سبط الملك، وكانت النبوة في بني لاوى، والملك في سبط يهودا، فلذلك
أنكروا. (القرطبي)
(2) فأتت عظماء بني إسرائيل نبيهم مستغربين ذلك
حيث لم يكن من بيت النبوة ولا الملك. (روح المعاني)
(3) للنسب والسلالة أهمية، لكنها إن تعدت
الحدود، صارت مثل طوائف الهندوس. كذلك الإسرائيليون كانوا يزعمون أن النبوة خاصة ببني
لاوى، والحكم ببني يهودا. (التفسير الماجدي)
(4) إن من سنة البشرية الخنوع لعصبية القبيلة والتمييز
العنصري منذ القدم، وظلت تسجد للعرق والنسل حتى جاء الإسلام الذي قضى على فوارق
العرق والعنصر ليعترف للإنسان عظمة لا تستند إلى العرق واللون والنسب، وأصرّ على
أهمية العمل وفق الدستور الرباني، وأول ضربة وجهها كانت باتجاه النخوة والحمية
القومية والتفاخر بالآباء، حتى قال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى،
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. (تفسير الفرقان)
{بسطة في العلم والجسم}..
(1) أراد بالعلم : المهارات العلمية والفنية
التي تساعد في بسط الملك والسلطان (الجهاد) وإدارة الدولة (السياسة الدينية). أي
علم الحرب (كما روي عن ابن عباس) (التفسير الماجدي)
(2) وأراد بالبسطة في الجسم: الشجاعة. (التفسير
الكبير)
أما طول القامة فلا دليل فيه على الفضل، وإلا
لكان النبي · متحلياً به. وبما أن بني إسرائيل كانوا في مواجهة مع العمالقة، وهم
قوم طوال، لذلك كانت بني إسرائيل في حاجة إلى أمير يبدو طويلا حسب الظاهر. (روح
المعاني)
الدروس
المستفادة منها:
(1) يجب اختيار الأمير بناء على الكفاءة
والقدرة، دون العشيرة والقبيلة أو السلالة والنسب، والمال والثراء.
(2) يجب اكتساب الكفاءات البدنية والعلمية
الكافية للنجاح في الجهاد.
(3) لا يتحقق النجاح والقوة للمؤمنين مالم
ينبذوا فوارق اللون والعرق والعنصر والدم واللسان وراء ظهورهم، ليصبحوا أمة واحدة
وجماعة واحدة.