{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (9)}.
ملخص
معاني الآيتين:
لقد أكرم الله نبيه، فقد جعله شاهدا
ومبشرا ونذيرا.
شاهداً.. أي من شهد على أمته وسائر
الأنبياء والمرسلين.
مبشراً... أي مبشرا بالجنة لكل من آمن
بالله وأطاعه.
نذيراً... أي محذّراً كل من كفر بالله
وعصاه بالعذاب الأليم.
لقد اكتملت النبوة والرسالة على رسول
الله ·، وهو شاهد على من سبقه من الأنبياء، بأنهم أدّوا الأمانة، فلا نبي بعده ولا
رسول، ومن آمن به الآن فله البشارة بالجنة، ومن كفر وعصى فله نار جهنم. فالواجب
على جميع الناس أن يؤمنوا بالله ورسوله ·.
وينصروا رسول الله نصراً مؤزّراً.
ويوقّروه..
ويسبحوا الله بكرة وأصيلا.
وإما الواجب على الجميع أن يؤمنوا بالله
ورسوله، وينصروا الله أي دينه ورسوله.
ويوقّروا الرسول ويجلّوا قدره.
ويسبحوه بكرة وأصيلا.
نصر الرسول · بالجهاد:
قال القرطبي:
وقال قتادة: تنصروه تمنعوا منه.. وقال
ابن عباس وعكرمة: تقاتلون معه بالسيف. (القرطبي)
تفسير موجز:
«أي يبشر المؤمنين وينذر الكافرين،
ويبيّن حاله، مثل {إنا فتحنا} . وإلى هنا كان بيانا للمباحث الثلاثة، وأنه يشهد
لأمته يوم القيامة ولبقية الأنبياء والمرسلين. الضمائر في {تُعزّروه} و {تُوقّروه}
إن كانت راجعة إلى الله تعالى، فمعنى نصر الله : نصر دينه ونبيه، وإن كانت راجعة
إلى الرسول ·، فلا إشكال فيه. {تُسبّحوه} أي تُنزّهوه سواء كان في الصلاة أو
خارجها». (العثماني)
فائدة:
«رُوي عن ابن عباس وغيره أن الضمير في
{تُعزّروه وتُوقّروه} راجع إلى النبي ·، إذ النصر والتوقير من حقوق الرسالة، ولاشك
أن النصر والمساعدة لا يمكن تقديمها إلا إلى الرسول ·، بتبليغ دعوته ورسالته
وشرائعه سعيا إلى تحقيق أهداف الإسلام، أما التسبيح والتقديس فممّا يختص بذات الله
سبحانه وتعالى، وبناء عليه فإن الضمير في تسبحوه راجع إلى الله تعالى، لذلك لزم
الوقف عند قوله: توقروه، عند الجمهور. (معارف القرآن للكاندهلوي)
تمهيد الطريق إلى بيعة الرضوان:
أشار في الآيتين الكريمتين إلى منزلة
النبي · وحقوقه، ثم في الآية التي تليها ذكر بيعة الرضوان، ببيان مناقب الذين
وقّروه وعزّروه، وخسارة أولئك الذين قصّروا في تأدية حقوقه. ومن هنا لزم على الأمة
قاطبة أن تُدرك مكانة الرسول · وحقوقه، لأن أحدا لا يفارق موقفه يوم القيامة بدون
شهادة النبي ·، فقد بايع الصحابة على يديه · بالموت، والواجب على الأمة المداومة
على نهج البيعة على الجهاد، ولا تقصّر في تعظيم الرسول · وتوقيره وتبجيله. (والله
أعلم بالصواب)
وفي التفسير الحقاني:
تعظيم النبي · وتوقيره فريضة محكمة
وواجب من الواجبات، فمن أهانه حُرم من فيوضه إلى آخر الدهر. ثم قال: {وتُسبّحوه
بكرة وأصيلاً} أي قولوا: سبحان الله وبحمده. قيل: أراد به الصلاة، وفيه حمد الله
تعالى وشكره على ما أرسل رسولا هذه صفاته. ثم أثنى خيراً على جماعة من عباده، الذي
عظّموا الله ورسوله ووقروهما. (الحقاني بتسهيل يسير)
فائدة:
وفي التفسير المظهري:
{تُعزّروه} تنصروه {تُوقّروه} تُعظّموه
{تُسبّحوه} تنزّهوه عما لا تليق بشأنه من الصفات القبيحة، وتقدسوه، وقيل: أراد
بالتسبيح الصلاة، والضمير في الألفاظ الثلاثة راجع إلى الله تعالى. (وهذا الذي
اختاره في تفسير ابن كثير وروح المعاني والتفسير الكبير والمدارك)
وقال البغوي: الضمائر في {تُعزّروه
وتوقروه} عائدة إلى الرسول ·، وفي {تُسبّحوه} عائد إلى الله تعالى، وإذا كان الأمر
كما قال البغوي فإن ذلك يخلق اضطرابا في المراد، لذلك استبعده الزمخشري، ونحن من
جانبا نقول: إن وُجدت القرائن، وتحدد المرادُ، فلا حرج بانتشار الضمائر. (المظهري)